معزوز يستعرض أمام خريجي مدرسة القناطر الباريسية آفاق تنمية جهة الدار البيضاء سطات |
القنصل العام الأمريكي تترأس حفل أداء يمين 53 متطوعًا جديدًا من هيئة السلام |
أزنو يتعافى تدريجيا قبل العودة إلى تداريب الجماعية للوداد البيضاوي (+فيديو) |
الدار البيضاء: مراهقون رفقة كلاب شرسة ينشرون الخوف في فضاءات خضراء |
«من أجل دراجة آمنة».. «نارسا» تصل إلى سيدي بنور لتحسين وعي مستعملي الدراجات (+صور) |
التساقطات تفضح الاستهتار بالبيضاء | ||
| ||
يحلق شبح الفيضانات فوق سماء الدار البيضاء الكبرى، وأكثر ما يخشاه مقررو المدينة أن يستيقظ مارد وادي بوسكورة، وتغرق سيوله الشوارع والإقامات السكنية والإدارات، وتعجز المجاري والقنوات عن مجاراة تدفقاته ومنسوب المياه العالي، وتتحول الأحياء والقناطر والأنفاق والمحاور الطرقية إلى برك مائية عائمة، كما وقع سنة 2006 وأقل حدة في 2010. للعاصمة الاقتصادية وضواحيها حكايات سيئة مع التساقطات المطرية الغزيرة، بسبب عامل موضوعي يتمثل في مجرى طبيعي لأحد أكبر وديان المغرب الذي ينطلق من منطقة عزبان بالحي الحسني (طريق الجديدة)، ويعبر طريق الجديدة ويمر من وسط المدينة، في اتجاه مصبه بالمحيط الأطلسي، وكذلك بسبب رداءة وتقادم جزء كبير من البنيات التحتية والطرق وقنوات الصرف الصحي والبالوعات ونقاط التصريف التي يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى عهد الحماية. هذا الواقع، ظل عدد من مسؤولي المدينة في الفترات السابقة يتعاملون معه بمنطق «كم حاجة قضيناها بتركها»، وكان أغلبهم يكتفي بتدبير الأزمة في الزمن في انتظار رحيل فصل الشتاء والتهاطلات ويعود أهل الكهف إلى سباتهم، في انتظار فيضان جديد. وكان طبيعيا أن يصيب هذا الكسل الشركة الفرنسية المكلفة بتدبير الماء والكهرباء والتطهير السائل«ليدك» التي لم تشرع في رصد اسثتمارات مالية وتقنية جدية تحمي المدينة وضواحيها من الغرق إلا خلال السبع سنوات الماضية، علما أن تاريخ التوقيع على عقد التدبير المفوض يعود إلى نهاية تسعينات القرن الماضي. ومازالت أكبر مدن المغرب تدفع ضريبة سنوات من سوء التسيير وعدم إلمام المسيرين السابقين بالقضايا الحساسة الكبرى، إذ كان من النتائج المباشرة لذلك تراكم المشاكل والإشكاليات المعقدة وتعاظم الحاجيات وتفاقم الاختلالات الكبرى التي يجري تفكيكها وإيجاد حلول لها، اليوم، بمجهود مالي وذهني وتقني جبار، في شكل مشاريع ضخمة لإعادة الهيكلة والتهيئة الحضرية والطرقية والإصلاح الجذري في إطار برامج للأولويات ومخطط للتنمية بملايير الدراهم. في خلفية التفكير في المشاريع المهيكلة الكبرى للدار البيضاء، كان شبح الفيضانات حاضرا بقوة، من خلال طرح عدد من البدائل لحماية المدينة من سيول وادي بوسكورة، في انتظار حل الإشكاليات الأخرى المتعلقة بالبنيات التحتية الداخلية وإصلاح قنوات تصريف مياه الأمطار وبناء سدود وأحواض صغيرة لتجمع المياه، مؤقتا، قبل طرحها في القنوات، بسبب ضيقها وقدمها وعدم قدرتها على تحمل التدفقات الكبرى وقت ذروة التساقطات الغزيرة. في البداية، بدت فكرة تغيير مجرى وادي بوسكورة وتوجيهه إلى أقرب مصب في المحيط الأطلسي “مجنونة” وصعبة الإنجاز، قبل أن تتحول إلى حقيقة مع انطلاق الأشغال في 2014 في قناة ضخمة قرب مجموعة متاجر “موروكومول” وبناء مجرى اصطناعي يفرض على الوادي تغيير اتجاهه من منطقة عزبان في اتجاه وسط المدينة، إلى منطقة سيدي عبد الرحمان، حيث سينتهي مصبه الأخير ابتداء من شتاء 2017. ويتضمن المشروع، الذي تقدمت الأشغال به بنسبة 80 في المائة، إحداث محورين، الأول ينطلق من بداية طريق الجديدة، عبر قناة مفتوحة على طول ثلاثة كيلومترات، أما المحور الثاني، فينطلق من طريق “الجديدة” نحو البحر، بقناة تحت أرضية تمتد إلى 6.2 كيلومترات. هذا المشروع، يقول مسؤول بالمدينة، هو حلقة فقط من سلسلة منتظمة ومندمجة من المشاريع لتوفير حماية أكبر للمدينة من الفيضانات، منها أشغال توسيع وتهييء وإصلاح قنوات الصرف الصحي بمجموع الدار البيضاء، وهو المشروع الذي تشرف عليه شركة “ليدك” التي تضخ استثمارات سنوية مهمة في هذا الإطار، بسبب التدهور الكبير الذي تعرفه أغلب البنيات التحتية المرتبطة بالتطهير السائل ومجاري تصريف مياه الأمطار. وتتوفر الشركة الفرنسية منذ 2006 على مخطط مديري يضبط جميع مناطق صرف المياه وجغرافيا القنوات والمجاري ونوعيتها وطبيعتها وحمولتها أيضا. ويجري اتخاذ عدد من التدابير والقرارات وحل الأزمات وفق هذه الخارطة التوجيهية التي تخصع اليوم إلى التحيين وإعادة النظر تحت إشراف ولاية جهة الدار البيضاء سطات، ومساعدة تقنية لمكتب دراسات متخصص. إضافة إلى أحواض التجمعات المائية، وهي عبارة عن سدود صغيرة لتجميع مياه الأمطار (ويبلغ عددها 75 سدا في ملكية ليدك والقطاع الخاص)، تشتغل الشركة المفوض لها، وفق مخطط لليقظة وتدبير الأزمات قبل ووقت وبعد التساقطات المطرية، للتقليل ما أمكن من الخسائر المحتملة، وإيجاد الحلول السريعة. مخطط اليقظة يعتمد مخطط اليقظة على أحدث الوسائل التيكنولوجية والحسابات الرياضية الدقيقة في تعقب التغيرات المناخية والحجم الحقيقي للتساقطات المطرية على المنطقة ومعرفة ارتفاع منسوب ارتفاع المياه، وذلك بتنسيق مع مديرية الأرصاد الجوية التي تضع رهن إشارة الشركة عددا من الخبرات والمعلومات المحينة التي يجري التوصل إليها في أوقات متزامنة عبر الربط بالأقمار الاصطناعية وتقنية التعقب عن بعد (جي بي اس). وتمكن هذه الطريقة، أطر ومسؤولي الشركة من معرفة الحالة كما هي في الواقع، حتى يتمكنوا من التنسيق الجيد مع السلطات الأمنية والإدارية وإنجاز عمليات التدخل الناجعة بأقل نسبة ممكنة من الخطأ، واستعمال الموارد البشرية والتقنية اللوجيستيكية المتوفرة على نحو جيد. وتعد الطرق وجودة التجهيزات والبنيات التحتية عنصرا حاسما في التقليل من مخاطر الفيضانات وحماية المدينة منها، إذ كانت الطرق السيئة ومازالت سببا في ارتفاع منسوب المياه وتشكل البرك المائية المعرقلة لحركة السير، وانجراف التربة وطبقات الزفت، كما وقع في عدد من المقاطعات والمناطق خلال التساقطات الأخيرة. من أجل ذلك، وضعت السلطات العمومية والمنتخبة إعادة إصلاح المحاور الطرقية الكبرى وتجهيزها بأحدث التقنيات المقاومة لعامل الزمن والأمطار، ضمن أهم مشاريع التهيئة الحضرية، إذ انطلق العمل في هذا المستوى منذ يناير 2016 بتكلفة إجمالية تصل إلى 2720 مليون درهم وتنتهي الأشغال في دجنبر 2020. وتشمل العملية شوارع الخليج العربي والجرف الأصفر (6.6 كيلومترات) وعبد الهادي بوطالب (4.9 كيلومترات) وعبد الكريم الخطابي (3.4 كيلومترات) والجيش الملكي وباستور ( 4.4 كيلومترات) ومولاي اسماعيل وإميل زولا ( 6.8 كيلومترات) ومولاي اسماعيل (6 .2 كيلومترات). وتنصب الأشغال على إعادة تأهيل وبناء الطرق والأرصفة ومجاري تصريف مياه الأمطار والتجهيزات العمومية والتشوير الأفقي والعمودي. يوسف الساكت/عن:الصباح | ||