التعادل الإيجابي يحسم مباراة «الديربي البيضاوي» بين الرجاء والوداد |
نشرة إنذارية: طقس حار مرتقب من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة |
«الديربي البيضاوي».. التشكيلة الأساسية للرجاء والوداد |
حافلات الدار البيضاء.. تغيير مؤقت في جزء من مسار الخط الرابط بين داوليز والسالمية |
رغم أنه بدون جمهور.. تعزيزات أمنية بملعب «العربي الزاولي» لتأمين «الديربي البيضاوي» |
أزمور.. مدينة الأولياء التي تتحدى الزمن وتتطلع إلى مستقبل أفضل | ||
| ||
عن/ تلكسبريس باسمها الأمازيغي، الذي يعني غصن الزيتون البري، تقف أزمور شامخة، كما هي، مدينة أطلسية ذات الجذور الضاربة في التاريخ ونهر أم الربيع الذي زادها جمالا، مع لوحاتها الجدارية البديعة، وأساطير الأجداد، وولادة إستيفانيكو، أول أمريكي من أصل مغربي. إنها وجهة تستحق الانعطاف لقضاء إجازة رائعة كتب ابن الخطيب، في منتصف القرن الرابع عشر، واصفا إحدى أقدم المدن وأكثرها جمالاً على الساحل الأطلسي المغربي، بأنها “عروس الربيع والخريف، بمنافذها ومصابيحها، كالنجوم الساطعة، التي تراقب نهرها”. تقع أزمور، المدينة البيضاء الصغيرة، على بعد 17 كيلومترًا شمال الجديدة و 80 كيلومترًا جنوب الدار البيضاء في منطقة دكالة عبدة، تحتفل بالفنانين كما تشهد على ذلك اللوحات الجدارية الملونة التي تزين واجهاتها لإسعاد المصورين الهواة. على جانب منحدر يطل على نهر أم الربيع، تشتهر أزمور، التي تتميز بموقعها الجغرافي بين النهر والمحيط والغابة، بتراثها المعماري الذي يعود إلى العصور الوسطى، شوارعها الضيقة، بيوتها العتيقة والقصبة القديمة التي تجذب الزوار. من خلال ساحتها الكبيرة، تقدم إطلالة جميلة على الوادي، هي قصبة سيدي محمد بن عبد الله وكنيس الحاخام أبراهام مول نيس. لعدة سنوات، أقامت أزمور مهرجانًا سنويًا لفن الشارع حيث تم اختيار الفنانين لرسم الجداريات حول المدينة. وخلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كوفيد 19، تعبأ شباب المدينة في إطار مبادرة "أنقذوا أزمور"، من إجل إضفاء الإشراقة على واجهات البيوت، وإعادة إحياء طابعها الأصيل، وفي حي الشاوية، يمكن الشعور بنفحات كأنها من شفشاون. ومنذ عهد الفينيقيين، الذين أقاموا مراكز تجارية في المنطقة، إلى السعديين الذين حرروها من أيدي المستعمر البرتغالي، دون نسيان الأمير الأمازيغي الشجاع صالح بن طريف، الذي جعلها عاصمة لإمارة برغواطة، منذ القرن الثامن، أزمور، ذات الاسم الأمازيغي الذي يعود إلى كلمة "أزما"، كانت محط أطماع، سلبت، فحررت، ثم نامت. تروي مدينة أزمور، التي اكتسبت شهرتها من وجودها على ضفاف نهر أم الربيع، التاريخ الحافل والأسطوري للمنطقة. أما اليوم، فتشهد المدينة التي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة، انتعاشًا في النشاط السياحي، طيلة الصيف، ولكن أيضًا، خلال باقي فترات السنة. مركزها مليئ بالحيوية، بشوارعها التجارية والأصيلة، من قبيل شارع مولاي بوشعيب. وتقدم بعض المطاعم الشعبية أطباقًا تقليدية من النوع الممتاز وبأسعار معقولة جدًا، كما يحتوي بعضها على شرفة صغيرة في الطابق العلوي. ولخوض تجربة أكثر أصالة، يوجد سوق صغير يقدم الأسماك واللحوم المشوية قبيل مدخل الأسوار مباشرة. مدينة توقف واسترخاء من مركز مطار الدار البيضاء، و بمناخها المشمس والهادئ، أزمور، هي أيضًا محطة توقف شهيرة للسياح، على مضمار المدن التاريخية المغربيةّ، إذ يأتون لاكتشاف معالمها والاستفادة من عروضها الفندقية الصاعد. المدينة الحضرية، مع ساكنتها المتنوعة، هي موطن لعدد قليل من بيوت الضيافة التي تم ترميمها من قبل الأجانب الذين استحوذوا على سحرها الأخّاذ. "ينضاف إلى مجموعات لاعبي الغولف في المنافسة الدولية في مازاغان والجديدة، سكان المدن المجاورة الكبيرة، وخاصة الدار البيضاء، الذين يأتون إلى أزمور بسبب مناخها المحلي أو للهروب من التوتر. كما يتوقف السائحون المارون في أزمور قبل زيارة بقية البلاد "، تقول مديرة رياض في المدينة. جذبت حركية مركز المعارض محمد السادس، الواقع على بعد كيلومترات قليلة من المدينة المحاطة بالأسوار، فئة جديدة من الزوار إلى الإقليم، بالإضافة إلى لاعبي الغولف الذين اعتادوا على الخضرة في مازاغان والجديدة. أما من الناحية الترفيهية، فيعتبر مهرجان فن الملحون، الذي وصل إلى نسخته العشرة في سنة 2022، من الفعاليات الرئيسية التي يتم تنظيمها داخل أسوار المدينة القديمة، والتي تبقى متحفًا في الهواء الطلق، بالرغم من أن قلة يعرفون عنها مقارنة بفاس أو مراكش أو طنجة. غنية بالآثار.. مدينة عمرها ألف عام لا تزال هذه المدينة القديمة، التي يعود تاريخها إلى المئات من السنين، وجهة سياحية مضمونة، إضافة إلى سحرها الذي ترويه من نهر أم الربيع، فهي موطن للعديد من المعالم التاريخية والمباني ذات القيمة التراثية الكبيرة : الأسوار، والأبراج، والبوابات، ومسجد القصبة الذي كان يُطلق عليه ذات مرة مسجد عقبة بن نافع، الحاكم المسلم الأول لتونس الذي فتح المغرب الكبير، والمسجد الكبير (الجامع الكبير) الذي يخضع للترميم. قصة أزمور التي رواها ذات مرة جان دارليت، مدرس فرنسي عاش في مدينة الأولياء خلال الاحتلال الفرنسي، زيمرمان أو بروسبر ريكارد، هي حكاية رائعة من نواح كثيرة، غير أن ندرة المصادر التاريخية وبعض اللبس الذي يلف محطات من تاريخها، أبقى المدينة غير معروفة بالقدر الكافي؛ مع أنه، تعاقبت عدة حضارات على هذه المنطقة الإستراتيجية ذات الأراضي الفلاحية الخصبة في سهل دكالة. كان الفينيقيون، الذين انجذبوا إلى موقعها الاستراتيجي على الضفة اليسرى لنهر أم الربيع، أول من أنشأ مركزًا تجاريًا في المكان. تتمتع مدينة أزمور أيضًا بتراث ثقافي غير مادي غني ومتنوع، يشمل الغناء التقليدي (الملحون) والرصيد الثقافي والاجتماعي المتوارثة عن الأجداد مثل فن الطبخ (الطنجية) والحرف (الطرز الزموري) وعادات الزواج والختان وغيرها. أصبحت أزمور فيما بعد مستعمرة قرطاجية مهمة ومن ثم وقعت في يد الرومان. كانت الفلاحة والتجارة وصيد السمك، من الموارد الرئيسية للسكان. الكورنيش هو النقطة المحورية للزوار، مع عدد محدود من المقاهي التي تفتح أبوابها على مدار السنة، كما يقدم أصحاب القوارب رحلات إلى ضريح للا عائشة أو مجرد عبور إلى الجانب الآخر من النهر، حيث كانت تزرع الحناء والبرتقال والكزبرة سابقًا. في ظل حكم برغواطة، استمرت هذه الإمارة، الممتدة من مصب نهر أبي رقراق إلى نهر تانسيفت، إلى غاية عهد الموحدين (1156-1269)، وكان سلاطين هذه السلالة من بنوا أسوار المدينة الحالية. إذ كانت حينها، مركزًا روحيًا ذا قيمة كبيرة؛ فأزمور هي موطن ضريح أبو شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي (المعروف باسم مولاي بوشعيب الرداد) الذي عاش بين نهاية عهد المرابطين وبداية عهد الموحدين حوالي سنة 1165. كانت المدينة في ذلك الوقت واحدة من أشهر المراكز الصوفية في تاريخ المغرب، والتي ذاع صيتها في الشرق. وتحكي الأسطورة أن لالة عائشة، الشابة التي أتت من بغداد إلى أزمور للزواج من الشيخ الصوفي، توفيت غرقا في فم وادي أم الربيع، ليتحول ضريحها إلى ملاذ مقدس لكثير من الزوار والزائرات، ويمكن الوصول إليه عن طريق القوارب، لأنه يقع على الجانب الآخر من النهر. يعد ضريح مولاي بوشعيب (كما يسميه السكان المحليون) أحد أشهر المعابد الدينية في البلاد، و كانت “بركته” تجلب للنساء الأطفال الذكور إذا ما رغبن في ذلك، ولا تزال تمارس هناك طقوس من جميع الأنواع إلى يومنا هذا. حاخام يهودي يوقره المسلمون أيضا خلال الفترة المرينية (1244-1465)، شهدت أزمور ازدهارًا علميًا وفكريًا كبيرًا، لا سيما بعد بناء مدرسة السلطان أبو الحسن المريني الذي توفي عام 1351، على غرار ما شهدته فاس وطنجة وسلا وتازة ومراكش أو حتى مكناس. وكانت أزمور، أيضًا، موطنًا لليهود الذين غادروها تدريجياً منذ عام 1948، مع إنشاء دولة إسرائيل ثم منذ سنة 1967 بعد حرب الستة أيام. يقدم القسم اليهودي من المدينة، نافذة زمنية على تاريخهم في المغرب، كان يهود أزمور يتألفون بشكل أساسي من المنفيين من البرتغال، الذين لجأوا إلى هناك عام 1496، وكان من بينهم الصيادون والحرفيون وعدد قليل من التجار الأثرياء. ازدهر المجتمع في ظل الاحتلال البرتغالي اللاحق في عام 1513، وسمح لليهود الذين أجبروا على التحول إلى المسيحية، بالذهاب إلى الداخل، ولا سيما إلى فاس حيث يمكنهم العودة إلى عقيدتهم. في وقت لاحق، عندما استعاد المغاربة المدينة، تم إرسال اليهود إلى أصيلة وحتى تم تعويضهم عن خسائرهم على يد يوحنا (جواو) الثالث ملك البرتغال. وبالرغم من إعادة تأسيس مجتمع محلي في عام 1780، انتهى المطاف بمعظم التجار الأثرياء في الجديدة (مازاغان). منازلهم ذات الطراز المغربي وضريح الحاخام أبراهام مول نيس، الذي وصل إلى أزمور، وفقًا لمصادر ملفقة، قبل 500 عام، تشهد على بصمتهم وروح التسامح التي سادت المدينة، لم يتم توثيق قصة الحاخام، لكن يُقال أيضًا أنه وصل بعد ذلك بكثير، حوالي عام 1870. يقول مرشد من أزمور أن هيلولة الحاخام أبراهام مول نيس يتم الاحتفال بها خلال "لاگ بعومر" (احتفال يهودي ثانوي يصادف اليوم الثامن عشر من الشهر العبري -ماي-)، وكانت هذه الشخصية اليهودية، تحظى بتوقير من اليهود والمسلمين في أزمور لكونه كان رجلا صدّيقا، وعادلا. وتنسب إليه العديد من البركات، ولا سيما الشفاء، وهذا هو السبب الذي دفع الكثير من الناس إلى الحج لزيارة ضريحه. تقص الأمهات شعر أطفالهن حديثي الولادة بالقرب من قبره، وقيل إن بركته أضاءت على الحزينين الذين أشعلوا الشموع بالقرب من ضريحه ورأوا أمنياتهم تتحقق وأحزانهم تختفي. ويقال أنه في الثلاثينيات، خلال فترة الحماية الفرنسية، أحضر حاكم المدينة ابنته التي كانت تعاني مرض إلى ضريح الحاخام، فشفيت، وهكذا، بدأ الناس في إعادة إعمار الحي اليهودي في المدينة، وأصبح يسمى هذا الحاخام بـ "مول نيس" أو "الشعبي". ويقام موسم كل غشت حول ضريحه. كان البرتغاليون، في القرن الخامس عشر، يؤمنون المواقع الساحلية وكانوا قادرين على توفير الحماية لمدينة أزمور المستقرة بالفعل. وفي حوالي 1486، قام الزموريون بأولى المعاملات التجارية بشكل خاص مع البحارة البرتغاليين. وفي وقت لاحق عندما رفض الحاكم مولاي زيام الاستمرار في دفع الجزية، تم إرسال جيش برتغالي وأسفرت معركة أزمور عن غزو المدينة، حيث كان المستكشف الشهير ماجلان جنديًا في هذه المعركة. وهكذا وصل البرتغاليون كمستعمرين في عام 1513. فتحصنوا بجدران الموحدين مع إضافة بصمة إيبيرية مع قواعد للمدفع لا تزال صامدة حتى اليوم. استقروا في القصبة حيث بنوا مبانيهم الخاصة، من بينها القبطانية، مقر الحاكم البرتغالي، التي تم تجديدها مؤخرًا، وتقع على جزء من القصبة الإسلامية القديمة، والكنيسة التي حلت محل مسجد قديم وبوابة المدينة، المعروفة حاليا باب القصبة، كما تمت تهيئة معلمة القبطانية، وباتت مفتوحة الآن في وجه الزوار. في عام 1517، بنى البرتغاليون المناطق الداخلية التي تفصل بين منطقة سكنهم (القصبة) والجزء الآخر من المدينة، فبعد الاحتلال البرتغالي لأزمور الذي استمر 28 عامًا من 1513 إلى 1541، احتل المستوطنون أيضًا منازل السكان الأصليين خارج الحصن قبل هدمها وتحويلها إلى بساتين ومراعي للحيوانات. أجريت أبحاث أثرية في هذا الجزء من المدينة، للكشف عن البنى التحتية المطمورة تحت الأرض : مخازن الحبوب وصوامع الحبوب المدفونة تحت المدينة والتي كانت بلا شك تستخدم للحفاظ على المواد الغذائية، وخاصة القمح. ويفترض البعض وجود مدينة قديمة بنيت تحت أزمور الحالية. في جميع الأحوال، شهدت المدينة الكثير من التحولات الجديرة بالذكر، فعندما أقام البرتغاليون في القصبة، بنوا رواقًا في الجدار الداخلي، يُعرف الآن باسم بوابة القصبة، وحولوا المسجد الكبير إلى كنيسة. ولم تستعد هذه المنشأة الدينية طابعها الإسلامي الأصلي إلا بعد تحرير المدينة عام 1541. ولتعزيز حماية أزمور، قام البرتغاليون ببناء أبراج عسكرية جديدة، ولا سيما برج القديس كريستوفر الدائري في الزاوية الجنوبية الغربية من القصبة، من أجل تأمين دفاعاتهم. وتبقى المنشأة الأكثر أهمية، هي دار البارود، التي كانت تخصص لتخزين بارود المدافع. عاش البرتغاليون جزئيا، من الغارات التي نفذوها على القبائل المتمردة، والضرائب المفروضة على “مغاربة السلام” وحقوق صيد السمك، لكن كان عليهم استيراد القمح من أوروبا. لم تكن حياة المغاربة سهلة، والدليل على ذلك أنه في وقت القرصنة، تم القبض على أحد أطفال البلاد، مصطفى الزموري أو إستيبانيكو، من قبل البرتغاليين وبيعه لقائد إسباني نقله إلى العالم الجديد في عام 1526. في نهاية المطاف، تخلت البرتغال عن أزمور لأسباب اقتصادية، أما إستيبان المور (مصطفى الزموري) الذي جرى استعباده وبيعه إلى نبيل إسباني، فانتهى به الأمر كمترجم ومستكشف في أمريكا الشمالية. أسطورة إستيبانيكو أو مصطفى الزموري هكذا، شهدت أزمور ولادة أول أفريقي تطأ قدمه أمريكا عام 1527، وأول مغربي يعبر المحيط الأطلسي. مستكشف العالم الجديد الذي أرسله الإسبان، برع في مهمته. يتمتع إستيبانيكو بمعرفة جيدة بالأعشاب الطبية، التي اكتسبها عن الدكاليين، وكان قبل كل شيء متعدد اللغات، وقادرًا على تعلم اللغات الأمريكية الهندية في غضون أسابيع قليلة. تبنته القبائل الهندية ثم أسره آخرون، وبعد عودته المظفرة إلى المكسيك عام 1536، محاطًا بالسكان الأصليين، تم التنازل عن إستيبانيكو لنائب الملك في إسبانيا الجديدة (المكسيك) الذي بعثه للبحث عن مدينة سيبولا الأسطورية، وتقول الرواية أنه وقع في الأسر مرة أخرى سنة 1539، وتم قتله على يد قبيلة معادية في نيو مكسيكو. يتم الاحتفال بقصة مصطفى الزموري اليوم في الولايات المتحدة، التي استضافت مهرجان إستيبانيكو الدولي الأول، وقد وضع تمثال نصفي له، في سلسلة من المنحوتات التاريخية في إل باسو، بتكساس. خارج المدينة، هناك العديد من المواقع التي يمكن استكشافها، مثل منارة سيدي بوبكر المثيرة للإعجاب، كما يمكن أيضا، قضاء بعض الوقت على شاطئ الحوزية، وهو مكان مناسب للاسترخاء. وتبقى قصبة بولوان، وجهة ممتاز لم يرغب في إلقاء نظرة على معلمة جميلة تم بناؤها سنة 1710 على يد مولاي إسماعيل، ويعتقد أنها كانت جزء من جهوده لإحلال السلام في المنطقة والحفاظ على السيطرة في وقت كانت تعاني فيه من القلاقل والاضطرابات. | ||