سابينتو مطالب بالفوز للاستمرار في قيادة الرجاء البيضاوي |
الدار البيضاء: مراهقون يسيطرون على أبرز الأحياء الشعبية ليلا بدراجات «مزعجة» |
المحمدية.. النيران تلتهم مطعمين لـ «المشويات» بالشلالات دون ضحايا |
بعد «الديربي».. الوداد يستأنف الاثنين تحضيراته لمواجهة أولمبيك آسفي |
الدار البيضاء تحتضن «القمة المالية الإفريقية 2024» |
الدار البيضاء سنة 2019 .. ورش كبير مفتوح على المستقبل | ||
| ||
في مدينة كبيرة بحجم العاصمة الاقتصادية تبدو حصيلة المنجزات السنوية، مهمة للغاية، لكون هذه المدينة العملاقة، التي ينظر إليها على أنها مشهد تنموي كبير، تتخطى حدودها نحو امتدادات جهوية ووطنية ودولية . فالدار البيضاء سنة 2019 ليست هي المدينة نفسها قبل سنوات، دون شك، فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر، كما يقول الفلاسفة ، في إشارة إلى التحولات الكبيرة التي شهدتها المدينة على عدة مستويات . فقد أنجزت مشاريع تغطي بنيات تحتية وخدمات مهمة، ولم تكتمل أخرى بسبب التأخر في إنجازها، في حين تواصلت أوراش مهيكلة، وهو ما جعل العاصمة الاقتصادية تكسب رهان استكمال مشاريع كبيرة، في حين بقيت أخرى موضع تساؤلات في عدد من المجالات التي لم تحقق المبتغى، ولم تكن في مستوى تطلعات الساكنة . وبالنظر لكبر حجم هذه المدينة جغرافيا وسكانيا، وكذا قوتها الاقتصادية التي لم تنتزعها منها أقطاب اقتصادية وطنية أخرى، فإن الرهانات التنموية المحلية والجهوية، جعلت منها سنة 2019 ورشا مفتوحا على المستقبل، خاصة في ما يتعلق ببنياتها المالية والتحتية والخدماتية. ففي الشق المالي، الذي يعد عصب الحياة الاقتصادية، واصل القطب المالي للدار البيضاء أداءه المتميز سنة 2019 ، حيث إن 200 شركة تتوفر على صفة القطب، علما أن 48 دولة تغطيها شركات هذا القطب ، الذي تمكن من نسج 18 شراكة جنوب – جنوب ، و13 شراكة مع المراكز المالية الدولية . وحسب معطيات خاصة بالقطب جرى تقديمها في بحر سنة 2019 ، فإن مقاولات القطب تتوزع بين مقدمي الخدمات، والمقاولات المالية، والمقرات الإقليمية للشركات متعددة الجنسية ، والشركات القابضة . ويعد القطب المالي للدار البيضاء (CFC) أول مركز مالي في إفريقيا وشريكا لأكبر المراكز المالية الدولية، وهو الذي استطاع تأسيس مجموعة قوية من الأعضاء، الذين يستفيدون من اقتراحات وعروض ذات امتيازات مهمة، منها مواكبة ممارسة أنشطة الأعمال التي تعزز نشر وتوسيع أنشطتهم بإفريقيا. وبالنظر لمكانته المالية الرفيعة على المستويين الوطني والإفريقي، فإن القطب انخرط في مشروع رائد يوجد قيد الإنشاء يتمثل في تشييد برج ضخم يبلغ ارتفاعه 122 مترا. ويعد البرج ، الذي سوف يتألف البرج من 27 طابقا، معلمة حضرية في المدينة ، كما سيكون هذا المبنى وسيلة إشعاع مغربية . وفي مجالات أخرى، دشنت الدار البيضاء قطار التنمية المحلية في يناير من سنة 2019 ، بإنجاز ورش هام ، تمثل في إعطاء انطلاقة تشغيل الخط الثاني لترامواي الدار البيضاء، على مسافة 15 كيلومترا، وهو ما ساهم فعلا في التغلب على مشاكل التنقل بالنسبة لساكنة عدة أحياء، الذين كانوا يجدون صعوبة كبيرة في التوجه لعملهم والتنقل لقضاء أغراضهم، لأن الأمر يتعلق بتوسيع مجال خدمات موجهة لساكنة يفوق عددها المليون شخص، مع 33 محطة، منها 20 محطة جديدة. وفضلا عن إنجاز الخط الثاني، تعززت شبكة ترامواي الدار البيضاء، الموجهة لمواكبة النمو الديمغرافي والحضري للعاصمة الاقتصادية للمملكة، بتمديد الخط الأول بكيلومترين إضافيين، وبرمجة إنجاز الخطين الثالث والرابع، بالإضافة إلى خطين للحافلات ذات الجودة العالية من حيث الخدمات في أفق 2022 . وما دامت العاصمة الاقتصادية تتوفر على أكبر مطار بالمملكة، والذي يشهد حركية كبيرة، فقد كان من اللازم مصاحبة هذه الدينامية، وهو ما حصل فعلا عبر إنجاز مشروع توسيع وإعادة تهيئة وتحديث المحطة الجوية 1 لمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، التي جرى تدشينها يوم 22 يناير 2019 ، والتي رصدت لها استثمارات بقيمة 585ر1 مليار درهم . ويندرج هذا المشروع في إطار استراتيجية المكتب الوطني للمطارات الرامية إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات الوطنية، وتعميم مطابقتها للمعايير الدولية في مجالات تدفق حركة النقل الجوي، والأمن الجوي، والأمن بالمطارات، وجودة الخدمات. وغير بعيد عن هذا المطار، جرى خلال سنة 2019 تدشين مجموعة من الوحدات الصناعية التي لها صلة بصناعة الطيران، والتي كرست مكانة الدار البيضاء خاصة، والمغرب عموما ، كوجهة لجلب استثمارات تهم صناعات ذات قيمة عالية جدا ، تساهم فيها مجموعات دولية رائدة في هذا النوع من الصناعات التي تتطلب تكنولوجيا عالية ، وموارد بشرية عالية التكوين ، وهو ما يتوفر عليه المغرب، بفضل جودة تكويناته التي تغطي عدة مجالات، وفي مقدمتها الهندسة التي تحتاجها هذه الصناعات . وفي الشق الطرقي، ومن أجل فك الاختناق المروري، الذي تعاني منه عدد من شرايين العاصمة الاقتصادية، أو على الأقل التقليل منه، خرج إلى الوجود الجسر المعلق على مستوى الطريق المؤدية إلى الطريق السيار الدار البيضاء / مراكش ، وهو ما جعل حركة السير بهذا المحور سلسلة جدا . فقبل تشييد الجسر المعلق هذا ، كان هذا المحور الطرقي، الذي يتقاطع مع سكة الطرامواي، يؤرق مستعملي كل وسائل النقل، في مشاهد اكتظاظ صعبة التحمل ، لأن الأمر يتعلق بضياع وقت ثمين، واستنزاف الطاقة النفسية والعصبية لمستعملي الطريق، كان يمكن تسخيرها في مجالات إنتاجية أخرى . وعلى مستوى الخدمات الصحية رأت النور بالدار البيضاء، عدد من المراكز الاستشفائية، أهمها المركز الطبي للقرب / مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الذي تم تدشينه على مستوى مقاطعة سيدي مومن (عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي)، في شهر ماي 2019 ، باستثمار إجمالي قدره 60 مليون درهم . وتكمن أهمية هذا المركز الجديد، وهو الثاني من نوعه على مستوى المملكة، في تأمين مداومة طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار الساعة، ومن تسريع وتيرة التدخلات الطبية المستعجلة، وتخفيف الضغط على مستشفيات أخرى . وفي قطاع النظافة وجمع النفايات المنزلية، التي لها صلة بجمال الفضاء العام وحماية البيئة والحفاظ على صحة الناس، كان لزاما اتخاذ خطوة في هذا السياق، بعد أن أسال هذا القطاع الكثير من المداد، وفتحت بشأنه نقاشات، وتلقى بسببه المسؤولون المحليون انتقادات حادة من قبل المجتمع المدني ومختلف الفاعلين وحتى الساكنة . وبناء عليه، دخلت في شهر يونيو 2019 ، العقود الجديدة للتدبير المفوض لخدمات النظافة الحضرية والنفايات المنزلية والمشابهة لها على مستوى الدار البيضاء، التي وقعتها كل من (أفيردا) و(ديريشبورغ)، حيز التنفيذ . وتتضمن هذه العقود الجديدة للتدبير المفوض ( قيمتها السنوية 893 مليون درهم/ تمتد على مدى 7 سنوات)، مجموعة من التدابير الجديدة منها، ضرورة تقديم خدمات جيدة تتعلق بجمع ونقل النفايات من خلال جمع النفايات المنزلية والمشابهة لها والنفايات الخضراء، ونقلها وتفريغها مع نفايات الكنس بالمطرح العمومي، مع تجهيز وصيانة وتنظيف وغسل نقاط التجميع . وإذا كانت هذه العقود قد خلفت، وقتئذ، ارتياحا كبيرا بالنسبة للقائمين على تسيير الشؤون المحلية وممثلي الشركتين المكلفتين بتدبير خدمة النظافة، والكثير من الأمل في أوساط الساكنة المحلية، فإن واقع الحال ، حاليا، يغني عن السؤال ، حيث تبخرت جزء من هذه الآمال والتطلعات، باستمرار وجود الأزبال والنفايات، المتراكمة أحيانا لأيام، في فضاءات عمومية، وهو ما يطرح أسئلة محيرة عن مكمن الخلل في هذه العملية ، التي علقت عليها آمال كبيرة . ومادام الشيء بالشيء يذكر، فإن استمرار مطرح النفايات بمديونة ( ضواحي الدار البيضاء )، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى حوالي 30 عاما خلت ، يؤرق بدوره الساكنة، وذلك في انتظار الفرج الذي قد يحمله المطرح الجديد المرتقب. ويتم نقل حوالي 4000 طن من النفايات يوميا صوب هذا المطرح ، مع ما يترتب عن ذلك من أضرار بيئية للمنطقة والمقيمين جوارها. وإذا كانت نصف الكأس المملوء، كما يقول أهل السياسة ، تؤشر على المنجزات المحققة والأشياء الإيجابية بالعاصمة الاقتصادية، وهو كذلك في ضوء إنجاز مشاريع مهيكلة ، فإنه يتعين الانتباه أيضا إلى نصف الكأس الفارغ، الذي تتمظهر في عدة مجالات لها علاقة بالنظافة والنفايات ، كما تم توضيح ذلك آنفا، وفي استمرار بعض الأوراش لوقت طويل أكثر من اللازم، مع ما ينتج عن ذلك من متاعب للساكنة المحلية من حيث التنقل وحركة السير، ولكل من له صلة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية لهذه المدينة الكبيرة. ففي الفضاءات العمومية تبدو الصورة واضحة وغير قابلة للتأويل، فسواء تعلق الأمر بحركة السير في الطرقات عبر مختلف وسائل النقل وحتى بالنسبة للراجلين، أو بالتنقل عبر الحافلات وسيارات الأجرة، فإن مشاهد الاكتظاظ تبدو للعيان، وهو ما ينمي الشعور بعدم تحقيق التطلعات والمرامي ، الشيء الذي يعترف به حتى القائمون على تسيير الشؤون المحلية للمدينة في أكثر من مناسبة. ومن أجل التقليل من مشاكل التنقل ، جرى مؤخرا توقيع عقد جديد للتدبير المفوض للنقل الحضري بواسطة الحافلات مع شركة ألزا، وهو العقد الذي سيفتح آفاقا كبيرة ، خاصة حينما يتم تشغيل حوالي 700 حافلة بشكل قار . منجزات الدار البيضاء سنة 2019 في عدة مجالات ، كبيرة ، لأنها سارت في ركب التنمية المحلية المنشودة التي تتطلع إليها الساكنة ، لكن ما ينتظر هذه المدينة مستقبلا من منجزات ، أكبر بكثير .. أليست هذه المدينة مدينة الرهانات المستقبلية ، صناعية ومالية ومجتمعية ورياضية وثقافية وبيئية ؟ | ||