تسجل مدينة الدار البيضاء إهدار كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي، التي يتم صرف جزء مهم منها في مياه البحر، ضمنها 150 مليون متر مكعب يلقى بها سنويا من طرف محطة التصفية بالعنق.

ولهذا الغرض تسعى مدينة الدار البيضاء إلى الإستعانة بخبرات شركات عالمية متخصصة في الحلول البيئية المبتكرة، من أجل وضع نظم تكنولوجية لمعالجة مياه الصرف الصحي، وإعادة استعمالها في سقي المساحات الخضراء بالعاصمة الإقتصادية للمملكة.

ويعيش المغرب في السنوات الأخيرة على وقع تغيرات مناخية كبيرة أدت إلى ندرة الموارد المائية الصالحة للشرب، ما بات يستدعي البحث عن بدائل من شأنها الحفاظ على هذه الموارد الطبيعية خصوصا بمدينة الدارالبيضاء كبرى المدن المغربية؛ من بينها تقنية إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.

وأصبحت مشكلة الجفاف وندرة المياه ظاهرة كونية، تزداد حدة بسبب التغيرات المناخية، حسب ما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، يوم الجمعة 14 أكتوبر 2022، والذي أكد من خلاله على أن الحالة الراهنة للموارد المائية تسائل الجميع حكومة ومؤسسات ومواطنين، «وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها، وضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الإبتكارات والتكنولوجيات الحديثة في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة».

وجاء التأكيد على ضرورة إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة نظرا لأهميتها في الحفاظ على الموارد المائية، وذلك بناء على عدة تجارب دولية أظهرت نجاعة هذا الإجراء في مواجهة مشكل ندرة المياه.

وسيتأتى ذلك من خلال التقليل من الضغط المتزايد على الموارد المائية التقليدية، ومن خلال مواءمة المنطقة مع مبادئ التنمية المستدامة عبر الزيادة في الأداء البيئي واستدامة مشاريع الصرف الصحي، مع أنه لا يكفي معالجة المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء، بل يجب تخصيصها كذالك لسقي المساحات الزراعية أيضا بجهة الدارالبيضاء سطات التي تعتمد بشكل رسمي على السقي، خصوصا وأن الفلاحة تستهلك حوالي 85 في المائة من المياه.

ويذكر أن معالجة المياه العادمة تروم تحويل المياه العادمة أو مياه الصرف الصحي إلى مياه يمكن إعادة استخدامها لأغراض أخرى مفيدة قد تشمل ري الحدائق والحقول الزراعية أو تجديد موارد المياه السطحية الجوفية.

كما يمكن توجيه استخدامها لتلبية احتياجات معينة للسكان في منازلهم مثل تنظيف المراحيض والأعمال التجارية والصناعة، للحفاظ على الموارد المائية الطبيعية والتقليل من ندرتها ومن خطر الجفاف، فضلا عن التخفيف من الضغوط على المياه الجوفية وغيرها من المسطحات المائية الطبيعية.

ويذكر أن هناك تجارب دولية أخرى في مجال معالجة مياه الصرف الصحي بتقنيات جديدة، والإهتمام بهذه الحلول يأتي في إطار الوعي بأن معالجة المياه العادمة تشكل واحدا من المشاريع المستقبلية الكبرى التي تنتظر الدار البيضاء، خاصة في ظل احتمال تراجع الموارد المائية والحرص على ترشيدها في الوقت الراهن وفي المستقبل