داخل الزمن الافتراضي لأنفاس مسرحية "راس الخيط"، يكون الزمن الدرامي مفتوحا للتأويل والإسقاطات. تأثيث المكان والشخوص المتفاعلة فيه، يرسمان طيلة مدة العرض تضاريس هواجس التسلط وحب الامتلاك في شخصية الإنسان العربي، ويؤطران من خلال الفرجة المسرحية ، جبروته ثم انحداره فانكساره. ومن ثمة تأتي السينوغرافيا بحمولتها الإبداعية لتهيئ الأرضية للشخصيات من أجل تشكيل هذه الصورة.

يضم الركح على مستوى التأثيث الأفقي والأرضي إكسسوارات متنوعة الأشكال ومتعددة الدلالات.. توظف خلال أنفاس المسرحية بحسب دورها في تأطير الصورة وتشريح أبعادها، وقد وظفت بدقة للتعبير عن الحياة الطبيعية للنص من خلال تحريكها وفقا للضرورة الدرامية والتصور الإخراجي، فتأتيت الفضاء (كرسي فخم / سواري / كراسي)، يجسد جانبا محوريا للهاجس السلطوي والطابع الفنطازي في شخصية الإنسان العربي، كما أن الموسيقى والرقصات والإنارة والمؤثرات الصوتية تضفي حرارة خاصة على أنفاس المسرحية بدءا بالاستهلال (بداية النفس الأول للمسرحية)، مما يحيل إلى أن أمكنة العرض ما هي إلا "مجسمات" مصغرة لأمكنة وسمت مسار الشخصية العربية عبر التاريخ.. 
تعتمد سينوغرافيا المسرحية على أربعة سواري دائرية في إشارة لارتباط الإنسان العربي على امتداد مساحة حضارته المتعددة بالدائرة، تتحرك داخل أنفاس المسرحية لترسم معالم أمكنة متعددة داخل جغرافية النص، وتتشكل بطريقة متناسقة لإضفاء الطابع الجمالي على أزمنة المسرحية، فهي ثابتة ومتحركة في نفس الوقت، إضافة إلى أن تنقلاتها فوق الركح تضفي جمالية خاصة على المكان. 
الكراسي / السواري/ الإكسسوارات/ تتشكل عند الانتقال من نفس لآخر (المنظر العام ، بهو القصر، الجوانب الخلفية للمكان) لتحدد الفضاءات الجزئية المتضمنة في النص، من هذه الزاوية نرى أن السينوغرافيا التي تحكم فضاءات "راس الخيط" هي بطلة حقيقية داخل جغرافيا الخشبة، فهي تتقاطع فيما بينها لتتناسب وتأجج الأحداث وتأزم المتتاليات الدرامية، وتقدم العديد من الإيحاءات السيميائية التي تؤطر هواجس الشخصية المتسلطة (الوالي ) الرجل المفرد الدال على الكل داخل النص، وأيضا ساعده الأيمن الرمز المتسلط (الباشا). 
للوقوف معنا على حقيقة ما جاء في هذه القراءة، ندعوكم يوم الأربعاء 16 دجنبر2015 بمسرح مولاي رشيد بالدار البيضاء، لمشاهدة عرض مسرحية "راس الخيط" ابتداء من الساعة الثامنة مساء....حضوركم يحفزنا على الاستمرار..وبما أن ذات العرض سيتم تصويره للتلفزة المغربية، المرجو عدم اصطحاب الأطفال درءا لأي تأثير على التقنيين....
تقدم المسرحية جمعية فضاء القرية للإبداع، السينوغرافيا والإخراج للمبدع : بوسرحان الزيتوني، التأليف : إسماعيل بوقاسم، التشخيص لنخبة من المسرحيين المحترفين / إلهام وعزيز / حسن بوعنان/ محمد الحوضي/ خديجة عدلي / سعيد طنور، التقنيات للمبدعين : عبد الكبير البهجة وعبد القادر بنحارو بمشاركة الفرقة المغربية للفنون الشعبية بالمركب الثقافي كمال الزبدي...