بقلم : إسماعيل بوقاسم
أخيرا، تحقق حلم المسرح الأمازيغي، في الترنح على خشبات دول أوربا، وذلك إثر إعلان الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، انطلاق جولات مسرحية تمثل مختلف أطياف اللغة الأمازيغية بعدد من بلدان الاستقبال.
وقد أقامت الوزارة المعنية، مطلع الأسبوع الجاري بالمركز الدولي للندوات محمد السادس بالصخيرات، حفلا حضرته وجوها مسرحية أمازيغية، وضيوفا من مختلف التعبيرات المسرحية المغربية، وشخصيات من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
أشار السيد الوزير عبد الكريم بنعتيق في معرض كلمته، أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، هو الذي عُهد إليه باختيار 12 فرقة من مختلف جهات المملكة المغربية لتقدم 51 عرضا ببلاد المهجر.. كان الأجدر بلقاء من هذا الحجم، وبهذه الدرجة من الأهمية، أن يتطرق إلى السبل التي من شأنها إنجاح هذه المبادرة، التي قال عنها الوزير بنعتيق (إنها تدخل في سياق تنزيل دستور 2011، واستجابة للتوجيهات الملكية الرامية إلى جعل الوطن مصدرإلهام كل المغاربة مهما ابتعدوا عنه).
وفي مُقدمتها تجاوز المشاكل التي تعرضت لها الفرق المسرحية التي فاقت الـ 40، خلال جولاتها لموسم 2017/2018، لفائدة المغاربة المقيمين بـ 15 بلدا بكل من أوروبا وأفريقيا ودول الشرق الأوسط. أبرز هذه الأعطاب، ما عانته الفرق المسرحية من رحلات مارطونية للحصول على التأشيرات، من قنصليات بلدان الإستقبال، حيث اكتفت وزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، بتقديم وثيقة المشاركة للفرق المعنية، دون أن تكلف نفسها تتبع مسارات هذه العملية، وهي الإجراءات الإدارية المُعقدة التي أثرت سلبا على معنويات أغلب الفرق المستفيذة، علما أنها تأشيرات عادية جدا، كونها ترتبط بتاريخ مُحدد، وتدخل في إطار "مكلف بمهمة".
ثم، إن اللجن التي أوكلت لها مهمة الإنتقاء، والتقييمين الفني والمالي للأعمال المسرحية للموسم 2017 /2018، لم تُوفق في إنتقاء عروض ذات قيمة فنية مقبولة، تليق بمستوى الذوق الفني للمغاربة بدول المهجر، باستثناء بعض الأعمال التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، من أصل 40 فرقة، لقيت استحسانا وتجاوبا، وخلفت أثرا طيبا لدى جاليتنا المُقيمة بالخارج. اللجن ذاتها تعاملت مع ملفات جميع الفرق المرشحة بتعويض مالي مُتساو، بالرغم من التفاوت الحاصل في القيمة الفنية، وأيضا في عدد المشاركين في العمل الواحد... إذ لا يعقل أن تتسلم فرقة تتكون من 14 مشارك وأخرى من 6 أو أقل، نفس التعويض المالي...؟ كما أنها لم تراعي في تقييمها المالي للأعمال، الوضع الإعتباري لبعض الفُرق التي تضمُ أعمالها مشاركة أسماء مُحترفة وازنة في الساحة المسرحية المغربية، حيث وضعتها في نفس خانة الفرق التي تتضمن أسماء لممثلين مغمورين.. أهمية المُبادرة في سياقاتها التاريخية والسياسية والفنية، والظروف التي تحكُم المشهد المسرحي المغربي، بتعدده اللساني وتنوعه الثقافي، تفرض نوعا من الشفافية وارتفاع في درجات الحس الوطني في النفوس، وهو ما يستوجب من وزارة عبد الكريم بنعتيق، إشراك جميع الإطارات التمثيلية الفاعلة في القطاع المسرحي، خلال جميع أشواط الإعداد لفصول هذه المُبادرة، عوض إقتصارها على التنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فقط، على اعتبار أن المسرح الأمازيغي ليس حكرا على هذا الأخير، إنما هو منتوج وطني لكل المغاربة، ويلزم جميع القوى الحية الإنخراط في إنجاح مساره.. ويجب االتنبيه في هذا الصدد، إلى ضرورة التقيد باحترام مقتضيات دفتر التحملات، الذي يؤطر عملية الإستفاذة من العروض المسرحية خارج أرض الوطن، وذلك بصرف الدفعات الأولى للفرق المرشحة داخل آجالها القانونية، حتى لا تتأزم وضعيتها، كما هو شأن الفرق المسرحية التي استفاذت من دعم وزارة الثقافة والإتصال للموسم الجاري، حيث ما لازالت لم تتوصل بالدفعة الأولى من أصل ثلاثة دفعات، علما أن أغلبها قد شارف على إنهاء جميع التزاماته تجاه الوزارة.....
|