الرجاء يسطر برنامجا تدريبيا صباحيا استعدادا لمواجهة المغرب التطواني |
متضررون يطالبون جماعة مديونة بحل أزمة الاحتلال للملك العمومي |
مؤسسة مسجد الحسن الثاني تضطلع بدور محوري في إدارة هذه المعلمة ونشر علوم الدين والفقه |
سابينتو مطالب بالفوز للاستمرار في قيادة الرجاء البيضاوي |
الذكرى 49 للمسيرة الخضراء.. تجسيد لأروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي لاستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية |
«كويتا» يموت من جديد | ||
| ||
حسن البصري اسمه المدون في بطاقته الوطنية هو "منعم كباب"، واسم الشهرة الذي عرف به في فيلم علي زاوا هو "كويتا". كغيره من أبناء "الخيرية" فقد مات الرجل مرتين أو ثلاث مرات. عثرت عليه السلطات الأمنية جثة هامدة قرب السكة الحديدية، ولازال الغموض يلف مماته كما لف حياته. وحدها بطاقة الهوية هي من دلتهم على الهالك أو المهلوك. كتب نبيل عيوش، مخرج فيلم علي زاوا، تدوينة تأبين قال فيها إن السعادة كانت تغمر "كويتا" في آخر لقاء جمعهما، مضيفا بأن الولد يعيش حياة زوجية سعيدة. تدوينة المخرج قد تفيد المحققين في فك لغز تعايش السعادة والموت في الخلاء. لكن الولد "السعيد" الذي قدر له أن يعيش سنوات في الشارع العام سيعود إلى منطلقه ليموت في الشارع العام، غير بعيد عن تجزئة السعادة، وكأنه يعلن وفاءه للمكان الذي احتضنه حين ركلته الظروف القاسية خارج دفء الأسرة، إذا كان فيها دفء طبعا. موت أحد أبطال فيلم يسلط الضوء على الحياة القاسية لأطفال الشوارع، يعد ضربة موجعة لنظرية "سينما الإدماج" ولوصفة حولت أبناء دور الرعاية إلى كومبارس في كثير من الأفلام. مات "كويتا" رحمه الله، وعاش رفيق دربه هشام موسون (عوينة) حياة ما بعد "علي زاوا" و"لالة فاطمة" عصي الدمع شيمته الصبر. فتراقص أمامنا طيف جحود السينما. في العرض الثاني للفيلم قال المخرج نبيل عيوش، إن ريع هذا العمل السينمائي، سيخصص لأبطاله وللجمعية الخيرية "بيتي"، فجلس الممثلون في غرفة الانتظار يمنون النفس بريع قادم لا ريب فيه، إلى أن مات "كويتا". حين يموت وليدات الخيريات، لا يكلفون في جنائزهم وتأبينهم ممون جنائز، يكفيهم التفاف رفاق دربهم ودعوات مستخدمي الخيرية ومؤطريها وجود المحسنين أو ما تبقى منهم. يحاول كثير من أصحاب محتويات الدم، أن ينزعوا من قلوب أبناء الخيريات خصلة الحنان، يعتقدون أن هذه الفئة معفاة من المشاعر، فقالوا إن قاتل عمر بن جلون كان نزيلا بدار رعاية الأيتام لمدينة برشيد، واستندوا في أحكامهم إلى انتماء أحد منفذي عملية شارلي إيبدو لإحدى مؤسسة الرعاية الاجتماعية في فرنسا. يحيا أبناء الخيريات سرا ويموتون سرا، يتمردون على الحياة وعلى الموت، يسقطون من حملات الإحصاء العام للسكنى، فيهيمون على وجوههم في حياة استدراكية لما فات من نكسات. في كتاب "سيرة المهجرين بين الأسماء"، للكاتبين عبد الرحيم ناصف ومصطفى ستيتو، وهما من أبناء خيرية عين الشق التي مسحها الجشع، فصل خاص يسلط الضوء على أطفال ماتوا في ذات المرفق دون أن تقام على جثمانهم جنازة ولا قداس. مات النزيل رشيد القاضي وهو يغني، كان قيد حياته تلميذا في المستوى الرابع، كان يتزحلق كعادته وهو يغني أغنيته الأخيرة، فسقط وانتهى جثة هامدة. لا أحد من المؤطرين سئل، بأي ذنب قتل رشيد فسجلت القضية ضد الميت. أما "قرفا الصغير" فقد عثر عليه جثة هامدة وراء بناية المؤسسة الخيرية، أجمع رفاقه في المرقد على نفس الرواية: "ضربه الحارس الليلي بلكمة قاتلة، أسقطه بالضربة القاضية، وحين لم يستفق الطفل من غيبوبته لف جثة قرفا في لحاف ورماها من النافذة وأمرنا بالنوم، ثم دلف إلى غرفته وأطفأ المصباح". سيعود الحارس الليلي إلى قواعده سالما، وكأن شيئا لم يكن، وسيستعيد المرقد صمته المرعب، وستصبح الحياة فيه بلا "قرفا"، بعد أن ابتلع الأطفال الدرس وفهموا أن موتهم ليس كموت الآخرين. لا عشاء تأبين ولا استقبال للمعزين ولا عزاء من عشيرة الفايسبوكيين. | ||