الأحد 24 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

فيلم «كازابلانكا» ما زال يُبْهِر عُشّاق الفنّ السّابع رغم مرور 60 عاماً على رحيل بطله

عن/ القدس العربي الأربعاء 25 يناير 2017

بمناسبة مرور ستين عاماً على رحيل البطل الأسطوري لأشهر فيلم أنتجته هوليوود أوائل الأربعينيات وهو فيلم «كازابلانكا» عاد الحديث عنه في مختلف الأوساط الأدبية، والنقدية، والسّينمائية في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص، إذ في 14 يناير من عام 1957 توفي بطل الفيلم همفري بوغار بعد أن بصم على الشاشة الكبيرة إحدى أكبر الأساطير الرومانسيّة في تاريخ الفنّ السابع.

وبعد أن خلّف لنا عشرين فيلماً دخلت برمّتها تاريخ السّينما العالمية من أوسع أبوابها، وفي طليعتها فيلم «كازابلانكا» الذي بَهَر عشّاق الفنّ السّابع، وسَحَر المشاهدين جيلاً بعد جيل، وأصبح تراثاً إنسانياً مشتركاً في عالم السينما.

وبغضّ النظر عن العشرين فيلماً الأخرى التي مثّل فيها دور البطولة، فإنّ فيلم كازابلانكا هو الذي جعل همفري بوغار يتدثّر بأردية الرومانسيّة الحالمة في أبهىَ صورها عندما يقع في غرام الممثلة السّويدية الرّقيقة ذات الحُسن الباهر انغريد بيرغمان.

ستّون عاماً مرّت على رحيل هذا الممثل الغريب الأطوار، وخمسة وسبعون عاماً على ظهور الفيلم الذي ما فتئ يخطف أنظار المشاهدين، ويحصد إعجابهم، وقد حزّ في قلوب عشّاق الفنّ السّابع عندما رأوا البيانو الشّهير الذي كان يتوسّط الصالون الكبير لمقهى «ريك» في المدينة البيضاء الذي كان يعزف عليه ديلي ويلسون أغنية «يجب ألاّ يَغرُبَ هذا عن بالك، قُبلة إنما هي مُجرد قُبلة» قد زُجّ به بين بضائع قديمة، وكراكيب مهترئة ليباع في المزاد العلني.
ويتساءل الناقد السّينمائي الإسباني خابيير كورتيخو: كيف يُعقل أنّ فيلما كُتب بطريقة عفوية إرتجالية على عجل، قد تحوّل إلى كتاب السينما المقدّس، وكيف يمكن لفيلم وُلد من رحم عمل مسرحي، إذ هو مُستوحىً من مسرحية «الجميع يؤمّ مقهى ريك» لمُورَايْ بَارنيت وجون أليسون أن يتحدّى مرور الزمن، وأن يتأقلم مع مختلف تقاليع الموضة، والتيّارات والميول المستجدّة والمتواترة، بل وحتى مع بعض التأويلات الملتوية ليخلد في ذاكرة تاريخ السينما؟ كيف أمكن لموسيقاه أن تظل خالدة ولا يمرّ عليها الزّمن؟ الأمر يبدو كما لو كان قد مسّته مسحة أو مسّ من سرّ أو سحر، أو غلفته معجزة مّا.

رقّة وخشونة

يُعتبر فيلم «كازابلانكا» من أجمل الأفلام الفريدة في تاريخ السينما الأمريكية التي جسّدت الرومانسية الحالمة لقصّة حبّ عارمة إبّان الحرب العالمية الثانية، وقد جمع الشريط بين نعومة ورقّة انغريد بيرغمان، وخشونة همفري بُوغار، وأصبحت العديد من الجُمل والتعابير التي نطقها البطلان في الفيلم تشكّل إرثاً حيّاً في الثقافة اللغوية الشعبية داخل أمريكا وخارجها، مثل عبارة: «اعزفها يا سام» أو «دائماً تبقى لنا باريس». ففي مناسبتين مختلفتين من الفيلم يطلب البطلان من «سام» (ديلي ويلسون) كلُّ واحدٍ منهما على انفراد عزف المقطوعة الموسيقية الساحرة نفسها (انسياب الزّمن أو مروره) على البيانو الذي كان يتوسّط مقهى «ريك» في قلب مدينة الدار البيضاء المغربية.
حرب وجاسوسيّة

يبدو الفيلم في البداية كشريط يدور موضوعه عن الحرب والجاسوسية لإثارة الحماس، وتأصيل وبثّ حبّ الوطن لدى المواطنين الأمريكيّين في زخم الحرب العالمية الثانية، حيث يظهر البطل (بوغار) وكأنّه في البداية لا يريد أن يحشر نفسَه في هذا النزاع إنطلاقاً من مدينة الدار البيضاء (كازابلانكا) إلاّ أنه في الأخير يتخلّى عن محبوبته لصالح مناهضة الفاشية.
على الرغم من مضمون الفيلم الايديولوجي ومحتواه الحربي إلاّ أنّ كازابلانكا يتذكّره الجميع كفيلم يدور موضوعه عن الرومانسية الحالمة، وكأنّه غدا في نظر كثير من المشاهدين قصيدة، أو قصّة حبّ مصوّرة يحفظها العشّاق عن ظهر قلب. فلا عجب إذن إذا احتلّ الرتبة الأولى في قائمة «المعهد الأمريكي للسينما» كأعظم قصّة حبّ في تاريخ السينما الأمريكية، والرتبة الأولى كأحسن سيناريو سينمائي حسب «نقابة كتّاب السيناريو» في الولايات المتحدة الأمريكية. الفيلم من إخراج مايكل كرتيز وحصد ثلاث جوائز أوسكار.
وبمناسبة مرور سّبعة العقود على هذه التحفة السينمائية أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية فعاليات الاحتفال بالذكرى السبعين لعرض الفيلم لأوّل مرّة عام 1942 بتقديمه في مسرح «وارنر» التابع للمتحف التاريخي الأمريكي بواشنطن.

مقهى ريك

مقهى «ريك» الذي دارت فيه أحداث الفيلم لم يعد خيالاً في مخيّلة المشاهدين الذين شاهدوه واستمتعوا به، بل أصبح حقيقة ماثلة بعد أن قرّرت مواطنة أمريكية تدعى كاثي كريغر عام 2004 افتتاح مقهى كبير في قلب مدينة الدار البيضاء يحمل اسم «ريك».
المقهى الذي رآه المشاهدون في الفيلم كان أقيم في أحد استوديوهات هوليوود. وكان السيّاح الأوروبيّون وبشكل خاص الأمريكيّون الذين يزورون الدار البيضاء لا يجدون أثراً له وها هي ذي الأسطورة تصبح اليوم حقيقة. ويرتاد المقهى زوّار من مختلف أنحاء العالم يحتسون فنجانَ قهوة، أو يشربون كأسَ شاي مُنعنع وهم ينظرون بإعجاب إلى الصّور الكبرى (أبيض وأسود) التي تعلو جدرانَه المخمليّة لبطلي الفيلم انغريد برغمان، وهمفري بوغار.