الثلاثاء 26 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

النص الكـامل لتدخل فريق CGEM في الجلسة العامة للمناقشة والتصويت على مشروع القانون المالي لسنة 2016

كازا 24 الثلاثاء 15 دجنبر 2015

إيمانا منه في نقل المعلومة والانفتاح على مختلف المكونات الاقتصادية،يعيد موقع"كازا 24" نشر النص الكامل تدخل الأستاذ عبد الإله حفظي، رئيس فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في الجلسة العامة للمناقشة والتصويت على مشروع القانون المالي لسنة 2016 الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي  08 دجنبر 2015.

 «أتشرف بتناول الكلمة في هذه الجلسة العامة، باسم الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كممثل للمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، وذلك لأول مرة في تاريخ هذه المنظمات، وفي حياة مجلس المستشارين بتركيبته الجديدة بموجب دستور 2011، في إطار الإصلاحات المؤسساتية التي عرفتها بلادنا على مسارها الديموقراطي، بالقيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وإذ نثمن هذه الخطوة، فإننا نعتز بها كذلك، باعتبارها ثمرة من ثمار العمل الهام والمستمر للاتحاد العام، كشريك فاعل في كل المبادرات ذات الصلة بمجالات اشتغاله، سواء مع الحكومة أو مع المركزيات النقابية، حيث راكم خبرة أساسها الحرص الدائم على التوافق، والسعي لإقناع الشركاء السياسيين والاجتماعيين، بالدور الهام الذي تلعبه المقاولة في خلق الثروة، والتشغيل، والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين، وفي تدعيم استقلالية ومناعة اقتصاد البلاد.

وقبل تقديم موقف الاتحاد العام لمقاولات المغرب من مشروع القانون المالي لسنة 2016، أرى من الضرورة توضيح المنهجية العامة التي يخضع لها عملنا كفريق في هذا المجلس الموقر.
إننا في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ندرج نقاشنا للقانون المالي في الإطار العام للتسيير الاقتصادي والاجتماعي للشأن العام، مع استحضار التوجيهات الواردة في الخطاب السامي لجلالة الملك أثناء افتتاح السنة التشريعية الحالية، حين أوصى جلالته بأن " المسؤولية الوطنية تقتضي من الجميع، الارتفاع إلى مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا "؛ وبأنه " يجب على مجلسنا هذا أن يشكل فضاء للنقاش البناء، وللخبرة والرزانة والموضوعية، بعيدا عن أية اعتبارات سياسية "؛ وبأن يكون البرلمان " مرآة تعكس انشغالات المواطنين، وفضاء للحوار الجاد والمسؤول حول كل القضايا الوطنية الكبرى "؛ودعوة جلالته لاعتماد " التوافق الإيجابي " في هذه القضايا، وجعل " المؤسسات في خدمة المواطنين ".
لقد عمِلنا في الاتحاد العام لمقاولات المغرب منذ سنوات، بهذا المنطق، حيث حرِصنا ونحرص دائما على إيجاد توافقات مع الحكومات المتعاقبة، سواء عبر المشاورات والحوار، أثناء مناقشة مشاريع قوانين المالية، وخلال إعداد المخططات التنموية القطاعية والوطنية، أو من خلال مساهمتنا في أنشطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومشاركتنا في حكامة عدد من المؤسسات الاجتماعية، كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.

 

كما حرصنا كذلك على إيجاد صيغ للتفاهم مع الفاعلين الاجتماعيين، حيث خطونا خطوات هامة، في علاقتنا مع المركزيات النقابية، عبر توقيع اتفاقيات كان لها انعكاس إيجابي على السلم الاجتماعي. ولدينا عزم على مواصلة عملنا في هذا الاتجاه، لبلورة واستتباب مناخ مشجع ومحفز للاقتصاد الوطني، كركيزة أساسية لتقوية الاستقرار والتماسك الاجتماعي، اللذين تنعم بهما بلادنا والحمد لله.
كما أننا ننخرط - في إطار الديموقراطية التشاركية - في مسلسل تفعيل الجهوية المتقدمة، على النحو الذي شرعت بلادنا في إرسائه بأقاليمنا الجنوبية، في إطار مرحلة فاصلة في تاريخ استكمال الوحدة الترابية للمملكة كما أكد على ذلك صاحب الجلالة في الخطاب التاريخي لجلالته بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، هذا المشروع التنموي الذي نعتز بمساهمتنا في بلورته بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، انخرطنا في تنزيله كفاعلين في الميدان، وذلك بملاءمة هيكلة اتحادنا مع التقطيع الجهوي الجديد، وبالاستثمار في هذه الأقاليم العزيزة علينا جميعا.

واعتبارا لكون المشروع نموذجا مستقبليا، فإن تخصيص ميزانية له ضمن القانون المالي الحالي، يعتبر خطوة متميزة ونوعية، تستلزم تعزيزها بالرفع من الإمكانات المالية والبشرية الموجهة للمشروع، في أفق تعميمه على باقي جهات المملكة، كنموذج تنموي رائد.
إن الجهوية في منظور الاتحاد العام لمقاولات المغرب ينبغي أن تُبنى في شقها الاقتصادي عبر توطين المخططات القطاعية بالجهات، وتمكينها من موارد بشرية تعزز الخبرات المتوفرة لديها، وتجميع الفاعلين الاقتصاديين الجهويين، تحت إشراف هيئة محلية تتولى مهام الحكامة والتتبع والتقييم.
إن دعم صندوق تنمية العالم القروي بمبادرة ملكية، لتقليص الفوارق الاجتماعية، وتقوية البنيات التحتية للعالم القروي ، ينصب فعلا في مسلسل خلق اقتصاديات جهوية قوية ، لذا نلح على التطبيق الأمثل لهذا البرنامج بما يلزم من شفافية وتتبع وتقييم.
إذا كنا نعي الأهمية التي تكتسيها مناقشتنا للقانون المالي، كمشروع يوضح السياسة الظرفية المتبعة خلال السنة، في مجال مالية الدولة، فإنه يجب أن نستحضر دائما أن هاته السياسة المالية لا يجب أن تُعزل عن الشق الثاني للسياسة الظرفية، الذي هو السياسة النقدية المتبعة، حيث يجب إيجاد تكامل بين هاتين السياستين، سيما والظرفية الحالية تتميز بتدني نسبة القروض البنكية، والاشكالية المستعصية المتعلقة بتأخر الأداءات في ظل تعثر القانون المتعلق بها، وتفاقم نسبة إفلاس المقاولات الذي لازال في منحى تصاعدي منذ ست سنوات.

وفي هذا الإطار ينبغي الإسراع بإصلاح بنك المغرب، لدعم استقلاليته كي يلعب دوره - زيادة على دوره في المحافظة على نسبة التضخم - في ضبط السوق المالية، وتدعيم السياسة المالية للدولة.
إننا ونحن نناقش القانون المالي لسنة 2016، نستحضر الإصلاحات التي أتي بها القانون التنظيمي الجديد للمالية، الذي بدأ العمل به تدريجيا. هذا القانون الذي ساهمنا فيه، نرى ضرورة الحرص على أن لا تطغى على تفعيل الإصلاحات التي أتى بها ممارسات بيروقراطية قد تحد من مزاياه.

إن هاته الإشكالية هي اليوم موضوع نقاش، حتى في الدول التي نهجت هذا النهج الذي استقينا منه قانوننا التنظيمي للمالية، بحيث نرى أن الانفتاح على نماذج أخرى أسيوية أو أنجلوساكسونية، قد يعطي سلاسة أكبر ومساطر أكثر ليونة.
السيد الرئيس المحترم
السيد رئيس الحكومة المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمين
السيدات والسادة المستشارين المحترمين
إن فريقنا إذ يتجاوب إلى حد ما مع الأولويات التي بُني عليها مشروع القانون المالي، يؤكد على أن العمل يجب أن ينصب على تأسيس تنمية اقتصادية متوازنة، تواصل دعم الطلب ودعم الإنتاج عبر تسريع التصنيع، وتحفيز الاستثمار، ودعم المقاولة وتوطيد المخططات القطاعية.

كما تعد تقوية النموذج التنموي الاقتصادي على نحو أكثر إدماجا، عبر تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وخلق مناصب الشغل، أولوية ذات أهمية قصوى.

كما هو الشأن بالنسبة لدعم الجهوية الموسعة، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، والمجهودات للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية.
هذا ومن الواجب أن نؤكد على أنه لا يجب أن يكون طموحنا متدنيا فيما يخص النمو الاقتصادي. فنسبة 3% المتوقعة لهذه السنة تعتبر غير كافية لخلق الثروة ومناصب الشغل، والاستمرار في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، والحد من نسق الإفلاسات المسجلة.

كما أنها لا تمكن من إنجاز نسبة 5,5% التي وعد بها التصريح الحكومي.
كما أننا نرى أنه من الضروري مواصلة مجهود الحد من عجز الميزانية في حدود 3,5 % من الدخل القومي العام، إلا أن المجهود الأكبر يجب أن ينصب على ترشيد نفقات التسيير.

وفي هذا الصدد نسجل بارتياح تفعيل اللجنة الوطنية للمشتريات العمومية، وذلك كخطوة نحو ضبط قار وشفاف لهذه المشتريات. كما أن نفقات الاستثمار وإن ارتفع حجمها الإجمالي إلى 189 مليار درهم، فإن مستواها لا يزال ضعيفا نسبيا مقارنة مع الحاجيات الكبيرة للبلاد.

خصوصا وأن معدل الإنجاز السنوي المتوسط للاستثمارات ينحصر في حوالي 60%، الشيء الذي يجب أن نعمل على تجاوزه. كما أنه من الواجب أن نحافظ دائما على الاستثمارات العمومية المبرمجة، وأن لا نعمد إلى النقص منها كلما ضاقت الميزانية العمومية.

كذلك لا يسعنا إلا أن نلفت النظر إلى الارتفاع المضطرد للمديونية الداخلية للدولة، الشيء الذي ينعكس سلبا على سعر الفائدة المعمول به، وعلى مستوى السيولة الممكن استعمالها من طرف المقاولة.

كما أنه يجب أن نذكر بإشكالية تأخر الأداءات العمومية، الشيء الذي يسبب صعوبات كبيرة للمقاولات بل وإفلاسات عدة، خصوصا بين المقاولات الصغرى والمتوسطة.
إن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد من هذا المنبر على ان دفاعه يتجه نحو المقاولة المسؤولة اجتماعيا، دون إغفال الواقع الحالي للمقاولة المغربية خاصة الصغرى والمتوسطة التي تعيش صعوبات حقيقية.

إن مسؤولية نماء المقاولات وتنافسيتها وتذليل الصعوبات التي تعترضها مسؤولية مشتركة.

وبناء عليه، لا يسعنا إلا أن نؤكد أن المقاولة مِلك للجميع وتحتاج إلى مناخ عام مناسب لكي تتمكن من المساهمة في حل معضلة التشغيل، كأساس لتقوية التماسك الاجتماعي.
السيد الرئيس المحترم
السيد رئيس الحكومة المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمين
السيدات والسادة المستشارين المحترمين
إذا كان الهدف هو الاستثمار والتنمية والتشغيل، فلابد أن يكون مناخ المقاولة محط اهتمام مستمر، وهنا يجب التذكير بضرورة الإسراع بالإصلاحات الهيكلية الضرورية، خصوصا منها إصلاح قطاع القضاء، وقطاع التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني.
إن الظرفية العالمية والجهوية الراهنة، لا تسمح بتحقيق النماء المطلوب إلا بدعم قوي للسوق الداخلية، وإيلاء الأفضلية الوطنية للمقاولات الصغرى، ودعم التكامل بينها وبين المقاولات الكبرى، والتتبع المنهجي لانعكاسات اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمتها بلادنا مع مجموعة من الدول والمجموعات الدولية.
إن الاقتراحات والتعديلات التي تقدم بها فريقنا في المجالات الجبائية وغيرها، تجد مبرراتها في الرغبة في التخفيض من وقع الظرفية الحالية على المقاولة، وانسجاما مع التوصيات التي تمخضت عن المناظرة الوطنية لسنة 2013 نتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار، وفي هذا الباب نؤكد على ضرورة دعم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال إصلاح الضريبة على الدخل، التي لازالت وحدها لم يشملها الإصلاح.
إن مخطط تسريع التنمية الصناعية يكتسي أهمية قصوى، لذلك نلفت النظر إلى التخفيض الذي عرفته حصة صندوق هذا المخطط، مما يتعارض مع اختياراته الوطنية المهمة، من رفع لمستوى الصناعة الوطنية في الدخل القومي، وجذب الاستثمارات الخارجية، وخلق عدد مهم من مناصب الشغل القارة، خصوصا وأن سنة 2016 تعتبر سنة محورية بالنسبة لتفعيل هذا المخطط الهام. ولذا نتمنى أن يحظى هذا الصندوق بالدعم الكافي في السنوات المقبلة.
وفي هذ الصدد نسجل بإيجاب ما تحقق إلى حد الآن من مخططات قطاعية، بدأت تعطي ثمارها كما هو الحال بالنسبة لصناعة الطائرات، وصناعة السيارات... لكننا نسجل تعثرا أو تباطؤا بالنسبة لقطاعات أخرى، كما هو الحال مثلا بالنسبة للصناعات التعدينية والميكانيكية والإلكتروميكانيكية، والصناعات الفلاحية، والصناعات الكهربائية والصناعة الرقمية والسياحة.
لذا نطالب الحكومة بتسريع وثيرة تفعيل هذه المخططات، بغية خلق نسيج اقتصادي متكامل، عصري وتنافسي. كما نلفت النظر إلى ضرورة اعتماد حكامة أكثر تشاركية مع الفاعلين الاقتصاديين، كمقاربة ناجعة وفاعلة، في التتبع والتقييم الدوري للمشاريع والبرامج. دون التقليل من وقع الوضعية المزرية للمقاولات التي لا يتم إدماجها في المنظومات المبنية على خلق المحيطات (écosystèmes ) المشجعة، والتي تجد نفسها مقصية تماما.

حيث نقترح إعادة النظر في المحددات المعيارية لهاته المنظومات، ولشروط إدماج المقاولات فيها، ولا سيما عندما تتوزع حكامتها بين عدة قطاعات وزارية.
وإننا إذ نؤكد على أهمية مخطط تسريع التنمية الاقتصادية، ونقدر الجهود التي تبذلها الحكومة، نقترح أن نقف في أقرب الآجال، وقفة تقييمية للمراحل التي قطعها هذا المخطط، قصد استشراف المراحل القادمة، وتسريع وثيرة تفعيله.
وفي هذا المجال دائما، فإن من أهم العوامل المؤثرة في الاستثمار توفر بنية تحتية قوية، وذات جودة عالية، وبأسعار تنافسية.

ورغم الجهود المبذولة في إطار تنمية وتعزيز البنيات التحتية الصناعية، فإنها تظل غير كافية وتواجهها عراقيل عديدة تنفر المستثمرين، منها على الخصوص نذرة العقار وغلاؤه، وارتفاع أثمنة المباني الصناعية الجاهزة للاستعمال؛ وتوزيع غير متوازن للحظائر الصناعية على مختلف جهات المملكة؛ وانتشار المضاربة في بعض الحظائر الصناعية؛ وضعف العروض الخاصة بالكراء.
لهذا، لابد من اهتمام أكبر من طرف الحكومة بتنمية وتعزيز فضاءات الاستقبال الصناعية، وتأهيل الموجود منها، ووضع حد للمضاربة العقارية بالمناطق الصناعية، لتعزيز تنافسية المقاولات الناشطة بهذه الفضاءات، والحفاظ على فرص الشغل التي توفرها، وإنجاز مشاريع حظائر صناعية، مندمجة مخصصة للكراء، تستجيب لطلبات المقاولين خصوصا منهم المبتدئين.
إن المستوى المرتفع لأثمنة العقار الصناعي عامة، والموجه للكراء خاصة، يحد من فعالية المناطق الصناعية ويؤثر سلبا على مردوديتها، ويحد من خلق المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة.
وفيما يخص معالجة الإشكالية الكبرى لخلق المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، خصوصا منها المبتكِرة، فإننا نقترح أن يتم التوافق حول مبادرة هيكلية شمولية جديدة، تجمع كل المبادرات المختلفة المعمول بها حاليا، مثل قانون المقاول الذاتي، ومغرب ابتكار، ومقاولتي،.. في مبادرة واحدة عامة وشاملة، تأخذ بعين الاعتبار التعثرات التي عرفتها مختلف البرامج السابقة، وتجمع الإمكانيات المالية والتشجيعات المتفرقة لتعمل بنجاعة أكبر، كما يجب ابداع صيغة حكامة مشتركة بين القطاع الخاص والإدارة لحكامة فضلى وفعالية أحسن ، وسيعمل الاتحاد العام على تقديم مقترح شامل في هذا الصدد.
كما لا يسعنا إلا أن نؤكد على ضرورة مواصلة إدماج المرأة في القطاع الاقتصادي خصوصا عبر خلق المقاولات. إن نسبة 10% المسجلة حاليا في مجال مشاركة المرأة في تسيير المقاولات لازالت ضعيفة، يجب العمل على الرفع منها تمشيا مع المقتضيات الدستورية للمناصفة
إن تكنولوجيا المعلومات والاتصال رافعة أساسية للتنمية، في محيط يعرف تحولات سريعة ومتواصلة. كما أن الرأسمال البشري والبحث العلمي عاملان استراتيجيان لخلق القيمة المضافة، وعنصران أساسيان في الابتكار، وعاملان مؤثران في كافة الأنشطة الاقتصادية، وفي تنافسية المقاولة وتجويد الإنتاج وخلق القيمة المضافة.
لذلك فإن انتهاء مخطط المغرب الرقمي الأول سنة 2013، فتح المجال للتخطيط لفترة جديدة في أفق 2020 مع الفاعلين المهنيين. وهو ما تمخض عنه مشروع مخطط جديد، ينبغي الإسراع بتنفيذه على أرض الواقع. خصوصا وقد أضعنا عدة سنوات ساهمت في تراجع المغرب في التصنيف العالمي في هذا المجال، ونذكر هنا على الخصوص بالمحور الاستراتيجي الأول لهذا المخطط، والمتعلق بالحكامة، حيث نقترح خلق وكالة مستقلة، مختصة بتنمية الاقتصاد الرقمي، وتمكينها من الإمكانات المالية الكافية لإنجاز الاستثمارات المتوخاة في هذا المجال، ولتحقيق الأوراش المهيكلة التي يتضمنها هذا المشروع.
كما أنه لابد من التذكير، بأن إكراهات التمويل لازالت تشكل عائقا أمام تطوير وتحسين مردودية المقاولات، وتحد من فعاليتها، كما تحد من دورها في الاستثمار والتنمية وخلق الثروة ومناصب الشغل. إذ إن الولوج إلى التمويل لا يتناسب وحجم انتظارات المقاولين وطبيعة أنشطتهم، بل أصبح غير ممكن بالنسبة للعديد من القطاعات. مما يفرض البحث عن حلول ناجعة لإشكالية التمويل، التي تعتبر من أكبر كوابح النمو. ولذلك نعتبر أن أحد مداخل الإصلاح، يتجلى في تسريع تطبيق إصلاح القانون المتعلق بآجال تسديد مستحقات المقاولات على المؤسسات والإدارات العمومية، وتسهيل ولوج المقاولة للتمويل.
إننا نتطلع إلى وضع أسس نموذج تنموي صلب، يزاوج بين استغلال الفرص المتاحة على مستوى الطلب، ودعم العرض الإنتاجي للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية الموجهة للتصدير، والمنتجة للثروة وفرص الشغل. وذلك لن يتأتى إلا بتحفيز التصنيع، وإنعاش الاستثمار الخاص، وجلب الاستثمارات الخارجية، ودعم واسع لروح المقاولة. كما نؤكد على ضرورة إيلاء أفضلية للمقاولة المغربية، لكن مع الحرص على أن لا تؤول هذه الأفضلية إلى خلق اتكالية مضرة بالنسيج الاقتصادي.
السيد الرئيس المحترم
السيد رئيس الحكومة المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمين
السيدات والسادة المستشارين المحترمين
إن التوجه الاجتماعي للقانون المالي لهذه السنة يزكي الاختيار الممنهج لبلادنا منذ 15 سنة خلت ، وهنا نستحضر الإجراءات المتخذة في هذا القانون، خصوصا رفع الميزانية المخصصة لصندوق دعم التماسك الاجتماعي، وتفعيل التعويض عن فقدان الشغل الذي خصصت له 500 مليون درهم كغلاف مالي لمواكبة انطلاقة تفعيله، على مدى ثلاث سنوات، مع التذكير بأن الاتحاد العام لمقاولات المغرب قد ساهم في انبثاقه. وإذ نسجل توجه الحكومة نحو خلق مناصب شغل وإعادة انتشار الموظفين في نطاق الجهوية المتقدمة، فإننا نعمل مع المركزيات النقابية لاستتباب السلم الاجتماعي، عبر خلق آلية للوساطة لحل نزاعات الشغل، مع العلم أننا لازلنا نؤكد أن العمل بالحد الأدنى الوطني للأجور قد أبان عن محدوديته، ونقترح إبداع صيغ لحد أدنى جهوي، تماشيا مع روح الجهوية المتقدمة، ووضع أسس لخلق جهات اقتصادية تقوم على إمكانيات وخصوصيات كل جهة، كمرحلة انتقالية نحو تحرير كامل لسوق الشغل، مع ضمان الحماية الاجتماعية الكافية..
إن المناخ العام للاقتصاد الوطني، وخصوصا المناخ الاجتماعي من الأهمية بمكان لأن التنافسية مرتبطة بالإنتاجية، كما أن الاستثمار الداخلي والخارجي له حساسية كبرى تجاه مكونات هذا المناخ، خصوصا وأن التنافس قوي بين جميع بلدان العالم لجلب الاستثمار الخارجي المباشر، لذا فإن من المستعجل إتمام الإصلاحات الهيكلية في ميادين العدالة ومدونة الشغل، خاصة ما يتعلق بالقانون التنظيمي للحق في الإضراب وحرية العمل، والتعليم بشكل عام، والتكوين المهني بشكل خاص.
إننا نسجل الإرادة القوية التي أكد عيها جلالة الملك للإسراع بإصلاح القضاء، اعتبارا للوقع المنتظر لهذا الإصلاح في تحسين مناخ الأعمال، وتجاوز المشاكل التي تعتري المجال الاقتصادي، خاصة في شقه الاجتماعي. وندعو في هذا المجال بالإسراع - على نطاق واسع - بتكوين رجال القضاء في ميدان الأعمال والاقتصاد، وكذلك عصرنة إدارات العدالة وحكامتها، لنتمكن في السنوات القريبة من خلق المحكمة الرقمية. ونؤكد من جهتنا على أهمية التحكيم في الميدان الاقتصادي، ونتوخى تقوية العمل به، باعتباره آلية سلسة لحل النزاعات، ونعمل في الاتحاد العام على إرساء مركز تحكيم يساهم في تخفيض الضغط على القضاء.
مازالت تعتري مناخ الأعمال صعوبات وإشكاليات يتطلب تذليلها انخراط الجميع، ومن جملتها إشكالية الإضرابات، التي تؤدي في الغالب، نظرا لغياب شروط وكيفية ممارستها، إلى الإضرار بمصالح المقاولة والعمالة على السواء، كما تضر بالمصلحة العامة للبلاد، بالنظر لوقعها السلبي على وثيرة التنمية والاستثمار ومناصب الشغل.
لذا يجب الإسراع بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب وكيفية ممارسته، لتنظيم هذا الحق الدستوري، وخلق نوع من التوازن بين الحق في الإضراب وحرية العمل، وإعطاء مجال أوسع للمفاوضات وإعمال آليات الوساطة والتحكيم والمصالحة بما يضمن حقوق الفئة العاملة، ومصالح المقاولة، ووثيرة التشغيل، ويساعد على منح الثقة الضرورية للفاعل الاقتصادي، وتكريس المغرب وجهة مفضلة للاستثمار.
الإشارة فإنه في الشهور التسعة الأولى من سنة 2015 سجلنا ما يزيد على 000 193 يوم عمل ضائع، بزيادة تفوق 21% بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2014، الشيء الذي يجعل من سنة 2015 سنة قياسية في أيام العمل الضائعة، إذا ما استثنينا سنة 2011. إن الإضرابات وإن تناقصت في عددها سنة 2015، فإنها تزايدت في مُددها، وإن ضياع أيام العمل يعني ضياعا مباشرا في الناتج الداخلي الخام، مع ما لذلك من وقع سلبي على وثيرة النمو، وعلى مناصب الشغل، إذ أن كل نقطة من نسبة النمو تعادل خلق ما يناهز 000 25 منصب شغل جديد، أضف إلى ذلك الإفلاسات التي طالت في نفس الحقبة 500 8 مقاولة، غالبيتها مقاولات صغرى ومتوسطة، بارتفاع بنسبة 15% .
وفيما يتعلق بالتكوين المهني فإن الاتحاد العام لمقاولات المغرب إذ يسجل بارتياح الحكامة الثلاثية المعتمدة في تسيير منظومة التكوين المهني، ما فتئ يبذل مجهوداته لكي تحظى المقاولة بدورها في هذا المجال. ولذلك فإنه من الضروري الإسراع بإصدار القانون المتعلق بالتكوين المستمر، والذي اتفقت حوله منذ سنة مضت كل الأطراف المعنية، والتي اتفقت كذلك على استراتيجية متكاملة للتكوين المهني، في نسختها الثانية الممتدة إلى أفق سنة 2021 كثمرة مجهود استمر منذ 2011.

إن تطبيق هذه الاستراتيجية لم يعد يحتمل الانتظار، خصوصا وأن ملايين الشباب العاطلين ينتظرون تأهيلهم لولوج سوق الشغل. أما الشق الثالث فيتعلق بالإطار الوطني للشهادات الضروري لتحصين الشواهد المقدمة من طرف المكونين والحفاظ على جودتها، خاص