الجمعة 29 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

النص الكامل لمداخلة CGEM حول «نظام الصفقات العمومية ورهان الحكامة الجيدة»

كازا 24 الثلاثاء 10 يوليوز 2018

تنشر«كازا 24» المداخلة الكاملة لفريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب في الجلسة الشهرية المخصصة لتقديم أجوبة رئيس الحكومة على الأسئلة  المتعلقة بالسياسة العامة حول موضوع«نظام الصفقات العمومية ورهان الحكامة الجيدة».

مجلس المستشارين/ 10 يوليوز 2018

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد الرئيس،
السيد رئيس الحكومة،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة المستشارين،
عرف نظام الصفقات العمومية عدة إصلاحات سايرت التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لبلادنا، ويعتبر المغرب من الدول التي راكمت رصيدا تنظيميا في هذا الشأن، وصولا إلى اعتماد مرسومي 20 مارس 2013 و13 ماي 2016، حيث توخت هذه النصوص المنظمة تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، عبر الدفع بإخضاع الصفقات العمومية لقواعد الحكامة الجيدة ومبادئ الشفافية والمساواة في التعامل مع المتنافسين، وغيرها ... دون إغفال الأخذ بعين الاعتبار احترام البيئة وأهداف التنمية المستدامة.
فالصفقات العمومية هي إحدى الدعامات الأساسية لتدبير النفقات العمومية بما يضمن تغطية حاجيات المؤسسات العمومية، ويمكن للاعتمادات المالية المعبئة في هذا الإطار أن تلعب دورا رئيسيا في تحريك الدورة الاقتصادية الوطنية وإنعاش أنشطة المقاولات، حيث أنها في ارتفاع مستمر وأصبحت تناهز حاليا 200 مليار درهم.
للإشارة، هناك قطاعات اقتصادية ترتبط جل أنشطتها بالصفقات العمومية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قطاع البناء والأشغال العمومية وقطاع الدراسات والهندسة، وهو ما يؤكد الدور الذي يمكن أن تلعبه الصفقات العمومية في التنمية الاقتصادية وخلق الثروة وفرص الشغل من خلال تمكين المقاولات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة من الولوج إليها.
وهنا نسجل وبكل أسف، موضوع "طلبية وزارة التربية الوطنية لسد الخصاص من الطاولات المدرسية"، حيث تم تكليف متدربي ومكوني معاهد التكوين المهني واستغلال تجهيزات هذه المعاهد لإنجاز طلبية 300.000 طاولة مدرسية لصالح وزارة التربية الوطنية، وهو ما يعد ضربا لمبدأ المنافسة المشروعة وإضرارا بمصالح المقاولات الصناعية الوطنية، وهو ما أدى فعلا إلى اندثار مقاولات كانت تنشط في هذا المجال وما ترتب عن ذلك من تحطيم للعديد من مناصب الشغل، دون أن ننسى الصورة السلبية لهذا الإجراء على مستوى "مناخ الأعمال".
وهو ما يدعونا للتساؤل:
هل تمكنت مجمل الإصلاحات التي همت نظام الصفقات العمومية من تحقيق الأهداف المسطرة لها؟
إننا كفاعلين اقتصاديين نجزم، من خلال الممارسة، أن أفق تحقيق الأهداف المسطرة، لازال بعيد المنال.
ففيما يخص الحكامة، فإن النصوص التشريعية للصفقات العمومية تتسم بالتشتت، وجل الإصلاحات همت الجوانب الشكلية والإدارية، في حين أن النصوص التطبيقية تبقى معقدة وتشوبها الضبابية في تحديد المسؤوليات على حساب المقاولة، وهو ما يستوجب تدوين جميع النصوص المؤطرة في "مدونة خاصة بالصفقات العمومية"، تحدد بوضوح المسؤوليات، وتعيد التوازن في العلاقات "المختلة" بين صاحب المشروع والمقاولة، خصوصا بعد مرحلة إرساء الصفقة عليها، وتشمل جميع مراحل الصفقة (القبلية، دراسات الأثر والبعدية/التقييم).
وفيما يخص الشفافية، فإن مساطر الصفقات العمومية لازالت معقدة ومكلفة للمقاولة وتطبعها في عدة أحيان ممارسات هامشية.
ومن أجل ضمان رؤية ومقروئية واضحة للفاعلين، فمن الضروري إرساء مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار البرمجة المتعددة السنوات تماشيا مع القانون التنظيمي للمالية.
كما أن استفحال تأخير أداء مستحقات المقاولات الوطنية، يعد من بين عوامل "وفاة" أكثر من 8000 مقاولة خلال سنة 2017، خاصة على مستوى المقاولات الصغرى والمتوسطة، إذ يمكن أن يصل هذا التأخير إلى 480 يوما، وهو ما أشارت إليه لجنة التنسيق والرقابة التابعة لبنك المغرب من خلال دراسة حديثة تم نشرها بداية هذا الشهر، أجريت على عينة من حوالي 72 ألف مقاولة عمومية وخاصة، حيث بينت أن آجال أداء الديون تظل طويلة، وأن هذه الوضعية تفاقمت في السنوات الأخيرة وباتت مؤثرة على سيولة المقاولات، مما يستعجل تفعيل إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بآجال الأداء.
السيد رئيس الحكومة المحترم،
إن الرهان الذي يجب أن نعمل عليه اليوم هو، كيف يمكن جعل الصفقات العمومية رافعة حقيقية للتنمية ودعامة أساسية لخلق مناصب الشغل والثروة في سيرورة المقاولات الصغرى والمتوسطة، من خلال تثمين المكتسبات ورسملتها من جهة، وتجاوز الثغرات والمعيقات من جهة أخرى، وذلك على مرحلتين:
1. في المستقبل المنظور:
- اتخاذ إجراءات سريعة الوقع والتي يمكن أن يترتب عنها آثار إيجابية في إطار القانون المعمول به حاليا؛
- تعزيز الشفافية من خلال رقمنة الصفقات العمومية لضمان عملية التتبع (traçabilité)، وتيسير الحصول على المعلومات؛
- تعزيز المنافسة الشريفة بين المقاولات لوطنية والأجنبية؛
- تحديد بتدقيق مسؤولية صاحب المشروع وشروط الاستلام مع ما يترتب عنه من آثار على آجال الأداءات؛
- ضمان التحكم في مراحل وشروط الإنجاز؛
- تعزيز الميول نحو العرض الوطني في إطار القوانين الجاري بها العمل، وهنا نثمن الإجراء الذي يقضي بتخصيص نسبة 20% للمقاولات الصغرى والمتوسطة الوطنية ولم لا التفكير في إعداد صفقات خاصة تستهدف المقاولات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة؛
- دعم تمويل الاستشارة في مجال الخبرة بالنسبة للمقاولة الصغرى والمتوسطة مع تمكينها من آلية للاستفادة من تسبيقات مالية بعد تنفيذ جزء من الصفقة؛
- دعم قدرات المؤسسات والجماعات الترابية، لاسيما الصغيرة منها والمحدودة الموارد.
2.على المدى المتوسط:
مباشرة إصلاحات هيكلية من خلال توحيد النصوص وملاءمتها عبر ثلاث مستويات:
ا. القانون الإطار (إعداد مدونة تجمع جميع القواعد الأساسية المتعلقة بالصفقات العمومية)؛
ب. النصوص التطبيقية (لتفعيل المدونة وتغطية جميع مراحل الصفقات)؛
ج. دفاتر المساطر (تأخذ بعين الاعتبار هواجس مقاولات القطاع العام والخاص)؛
ويجب أن تعمل المدونة على تحسين مساطر التنازع مع التنصيص على تفضيل الوساطة والتحكيم كوسائل بديلة لحل المنازعات.
وهنا نقترح إحداث هيئة تقريرية ذات اختصاصات واسعة في مجال تسوية المنازعات دون التقليل من صلاحيات "لجنة الطلبيات العمومية"، التي يبقى دورها في جميع الحالات استشاري واقتراحي.
وتجدر الإشارة أن تكلفة مصاريف المسطرة في حالة المنازعة القضائية المرتبطة بعدم أداء مستحقات المقاولات، تلتهم حوالي 15% من مبلغ الفاتورة، الشيء الذي يساهم في كبح إقلاع المقاولات ولا يشجعها على الاستمرارية، وهو ما يستدعي العمل على تسريع تسوية متأخراتها، تنفيذا لما جاء في برنامجكم الحكومي، مع اعتماد آلية حقيقية دائمة لتفادي تكرار هذه الإشكالية.
وفي الأخير نقترح عليكم، السيد رئيس الحكومة، إحداث "مرصد للطلبيات العمومية"، يتوفر على وسائل وصلاحيات للبت في المعطيات المرتبطة بالطلبيات العمومية، إضافة لإعداده "مؤشرات تتبع"، لضمان جودة المعطيات الإحصائية وتحليل النتائج التي تفضي إليها السياسة المتبعة في مجال الطلبيات العمومية.
مع متمنياتنا لكم بالتوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته