الخميس 19 شتنبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

التنشئة والمجتمع

كازا 24 السبت 14 يناير 2023

ذ. عبد المجيد صراط

الإنسان ابن بيئته، مثال اعتدنا قوله، عندما نريد أن نبرهن على أن البيئة أو الوسط له تأثير، سواء سلبا أو إيجابا، على هذا الإنسان.

ومن ثمة فلمقاربة أي حالة إنسانية يجب بالضرورة استحضار ظروف نشأتها، فأي مولود جديد يولد صفحة بيضاء، نقية وخالية من أية شائبة، وتغيير معالم هذه الصفحة يكون نتيجة طبيعية للبيئة والمجتمع، اللذين تربى في كنفهما.

فعندما يجد الوليد البشري منذ سنواته الأولى، من يوجهه ويخط له أسلوب عيشه، لن يتأثر كثيرا بمحيطه، ويمكن حينها أن يكسب المناعة اللازمة ضد كل ما هو دخيل، لأنه تتلمذ على مناهج تربوية سليمة منذ تنشئته الأولى، وعرف كيف يحيى من دون مركبات نقص.

لكن ما يعيشه أبناؤنا في الوسط المدرسي، الذي يعرف فضاؤه نسبة مرتفعة من التلاميذ في سن المراهقة، تجعل الكثيرين منهم يجنحون في هذه الفترة العمرية إلى الانسلاخ عن القيود الأسرية، فيرتمي بعضهم في أحضان تيارات متناقضة.

ولا عجب أن تجد التلميذ في هذه الفترة العمرية منجرفا وراء سلوكات شاذة لإثبات ذاته، والإحساس بشخصيته، إذ يتعاطى للتدخين ويتناول المخدرات كملاذ يلجأ إليه المراهق ليزيل ويكسر الخطوط الحمراء التي تربى على ضرورة عدم تخطيها منذ طفولته، في غياب دور مؤثر للأسرة في سلوكات التلميذ، وانعدام مناهج تربوية تستوعب علامات الاستفهام لدى المراهق.

إن الصفات الذميمة، التي أصبحت لصيقة بالعديد من أبناء المجتمع، ما هي إلا طباع مكتسبة عنوة، وتعبير على أن الإنسان، عندما لا يجد من يردعه وينصحه ويوجهه، تكون نفسه أمارة بالسوء، إلا في ما ندر.

وما من شك أن المدرسة تعد الفضاء الأنسب للتهذيب والتقويم والتصحيح، لتربية ناشئتنا وجعلها محور البناء المتماسك المتزن لسلوكيات المجتمع، فالمناهج التربوية كل لا يتجزأ، لذا يجب أن تشمل جميع مراحل التلقي، ابتداء من الوسط الأسري، مرورا بالمدرسة كمكون ديداكتيكي وتعليمي، وصولا إلى الشارع، الذي هو الفضاء الذي يصرف فيه التلميذ ما بداخله من سلوكات ومكونات نفسية، إما إلى ما هو إيجابي، فيكون له دور في الإصلاح، أو إلى ما هو سلبي، فيكون عاملا من عوامل الإفساد.