السبت 23 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

نزيلات يواجهن السجن بسلاح التعلم والتشغيل الذاتي

كازا 24 الخميس 8 مارس 2018

ومع/

بين السجن والحرية، أسوار وأبواب حديدية محكمة الإغلاق، تفصل نزلاء المؤسسة السجنية عن محيطهم الاجتماعي، ليعيشوا واقعا طابعه الرتابة، في انتظار لحظة الإفراج، للعودة إلى ممارسة شؤون حياتهم العادية.

غير أن هذه العودة، تكون في غالب الأحيان مخيبة للآمال، بسبب صعوبة تقبل المجتمع لمن قضى عقوبة حبسية، وحرمانه، بفعل الصور النمطية التي تختزل فيها المخيلة الجمعية صورة السجين السجين السابق، من حقه في الاندماج من جديد.

استعادة الحرية، والاندماج داخل المجتمع، رهانان يتطلبان الكثير من الجهد، من جهة من حيث تهيئة البنية المجتمعية لتجاوز تلك الأحكام النمطية الموشومة داخل المجتمع بشأن السجناء السابقين، ومن حيث تخويل النزيل كل الإمكانيات التي تتيح له اكتساب مهارات حرفية ومهنية وعلمية تسهل عليه الانخراط بسهولة داخل الحياة المجتمعية.

وهي الرهانات التي دفعت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج،إلى اعتماد مجموعة برامج للتكوين والتأهيل المهني والعلمي، من أجل تمكين نزلاء المؤسسات السجنية من خبرات ومهارات تتيح لهم العودة إلى حياتهم العادية داخل محيطهم الاجتماعي، وممارسة مهن تقيهم العوز، وتضمن لهم موقعا ضمن البيئة التي يعيشون فيها.

وفي سياق هذه المقاربة الاجتماعية لوضعية نزلاء المركبات السجنية، جاءت مبادرة إنشاء تعاونية "أمل للتشغيل الذاتي"، لفائدة نزيلات السجن المحلي عي السبع 2 بالدار البيضاء، وتروم توفير تكوين إدماجي يمكن من إعدادهن وتأهيلهن لولوج سوق الشغل ومواصلة مسيرتهن المهنية خارج أسوار السجن.

وبهذا الخصوص، أوضحت مديرة السجن السيدة فاطمة أقبيش، في تصريح للصحافة على هامش جولة نظمتها المندوبية لفائدة ممثلي مختلف وسائل الإعلام الوطنية داخل المؤسسة بمناسبة الاحتفاء بعيد المرأة العالمي، أن إحداث هذه التعاونية كان بمبادرة من المندوب العام، بغاية إقامة مشروع يوفر للنزيلات دخلا ماديا قارا، ويمكنهن من صقل مهاراتهن الحرفية.

وقالت إن الاستفادة من الخدمات التي تقدمها التعاونية، التي أسست في يناير الماضي، يرتبط بتوفر النزيلة على مجموعة شروط، في مقدمتها حسن السير والسلوك، مشيرة إلى أن وضع هذه الشروط يروم تحفيز النزيلات على تغيير سلوكهن والتعامل بإيجابية مع مختلف المبادرات ذات الطابع الاجتماعي.

ومن جهتها، أبرزت مسؤولة التعاونية أسماء خريشف أن هذا المشروع يأتي في إطار جملة من البرامج التي تهدف إلى تحسيس النزيلات المستفيدات بالمسؤولية والاستقلالية، وتأهليهن للاندماج في الفضاء المفتوح بعد الإفراج.

وقالت إن لتطور الكبير الذي عرفته هذه التعاونية، وتوسيع نشاطها في إطار شراكات مع مؤسسات سجنية أخرى، من خلال تسويق منتجاتها إلى هذه المؤسسات، يفتح الباب أمام تعميم هذه المبادرة بباقي المؤسسات لتشمل أكبر عدد ممكن من النزلاء.

وأضافت أن هذه التعاونية تبقى فضاء مفتوحا أمام جميع النزيلات، وتعمل انطلاقا من مساهماتهن في إدارتها وتسيير شؤونها، وفق برامج للتكوين والتدريب تتيح لهن اكتساب حرف يدوية تضمن لهن مصدر دخل سوء داخل المؤسسة أو خارجها.

فمبادرة من هذا النوع كفيلة بأن تفتح للنزيلات بابا من الأمل، يمنحهن ثقة كبيرة في النفس، ويقوي من عزيمتهن ويقينهن بأن لهن إمكانات تكفل لهن الاندماج اليسير في المجتمع بعد نهاية مدة العقوبة السجنية.

وهو ما أكدته إحدى النزيلات، لتشير في تصريح لا لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عملها بالتعاونية مكنها من استغلال أوقات الفراغ، والحصول على تكوين في ميدان الطبخ، استطاعت أن تحصل من خلاله على دخل مادي يتم الاحتفاظ به لدى مقتصدية السجن إلى حين موعد الخروج.

فيما عبرت مستفيدة أخرى، في تصريح مماثل، عن تثمينها لهذه البادرة النبيلة، التي صارت، بالنسبة إليها، متنفسا يخرجها من الروتين اليومي، ويمكنها من الاستفادة من خبرات باقي النزيلات لتقوية مهاراتها، وبناء علاقات اجتماعية تعينها على مواجهة المحنة التي تمر منها.

وإلى جانب هذه التعاونية، يتلقى النزيلات، بدار الأمهات المرفقات بأبنائهن داخل السجن المحلي عين السبع 2، تكوينا مهنيا يخضع لبرامج المكتب الوطني للتكوين المهني، ويشمل سبع تخصصات، تشمل الفندقة، وصناعة الزرابي، وحياكة الجلابيب التقليدية، والخياطة العصرية والتقليدية، والحلاقة، والتجميل، والخبازة.

وعن هذا التكوين، تشير المؤطرة بشرى العلمي، أن البرنامج التكويني، المعتمد من طرف المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، يهدف إلى إعادة تأهيل النزيلات، وتقوية حظوظهن في الحصول على الشغل بعد مغادرة السجن، مشددة على أن المستفيدات يبدين حرصا كبيرا على حضور الحصص التكوينية، والاستفادة من خبرة المشرفات على مختلف أقسام التكوين.

وهو ما تؤكده إحدى المستفيدات، قائلة، في تصريحها للوكالة، إنها اختارت شعبة ترتيب الطوابق (الفندقة)، حتى لا تضيع منها السنوات التي تقضيها بين أسوار السجن سدى، معربة عن أملها في أن تتمكن من الحصول على شغل عند خروجها بفضل الدبلوم الذي ستتوج به مسارها الدراسي، ومشددة بنبرة يقين على أنه "ليس من الخطإ أن تكون سجينا، بل الخطأ أن لا تستفيد من تجربة السجن، وتسخرها لتغير من حياتك".