السبت 23 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

المدينة العتيقة للدار البيضاء سنة 2018 .. دينامية جديدة لجاذبية اجتماعية واقتصادية وسياحية

كازا 24 الجمعة 14 دجنبر 2018

عبد اللطيف الجعفري /و مع 

انخرطت المدينة العتيقة للدار البيضاء سنة 2018 ، في دينامية عمرانية واقتصادية واجتماعية وسياحية جديدة ، تجسدت في مواصلة إنجاز مشاريع تتعلق بتأهيل معمار وفضاءات هذه المدينة ، وذلك في إطار برامج تهيئة المدن العتيقة على المستوى الوطني .

وإذا كان الشطران الأول والثاني، المتعلقين بإعادة تأهيل المدينة القديمة للدار البيضاء قد حولا تدريجيا المعالم العمرانية الأثرية للعاصمة الاقتصادية إلى فضاءات جميلة، فإن الشطر الثالث من هذا البرنامج سيعزز هذه الدينامية بشكل سيجعل المجالات العمرانية القديمة أكثر جاذبية.

ويذكر أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ترأس يوم 14 ماي 2018 بالرباط حفلا جرى خلاله توقيع ثلاث اتفاقيات للشراكة والتمويل تتعلق بتثمين عدد من المدن العتيقة ، فضلا عن توقيع اتفاقية تتعلق بإعداد الشطر الثالث من برنامج المباني الآيلة للسقوط (برنامج إعادة تأهيل المدينة القديمة للدار البيضاء).

وبهذه المناسبة أعطى صاحب الجلالة تعليماته السامية قصد إعداد الشطر الثالث من برنامج المباني الآيلة للسقوط ، الذي يشكل جزءا من برنامج إعادة تأهيل المدينة القديمة للدار البيضاء ، بغلاف إجمالي قدره 300 مليون درهم

وتهدف هذه البرامج من الجيل الجديد، إلى تثمين هذه المدن العتيقة، وتحسين ظروف عيش ساكنتها، والمحافظة على تراثها العمراني المادي واللامادي، والنهوض بثروتها الثقافية الأصيلة .

وتعد هذه العملية رافعة حقيقية لتأهيل المدينة العتيقة للعاصمة الاقتصادية والنهوض بإشعاعها العمراني وتحسين معيش ساكنتها، ومن ثم جعلها قطبا سياحيا وازنا يمكن من إنعاش الحركة الاقتصادية.

وتروم عملية تأهيل المدينة العتيقة للدار البيضاء ، وجعلها قطبا سياحيا بامتياز، تحسين ظروف عيش ساكنتها، والرفع من الاستثمارات بها قصد تحريك عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وذلك وفق مقاربة تشاركية تروم النهوض بالموروث المادي واللامادي الغني والمتنوع .

وفي هذا السياق جرى إعداد برامج لتثمين هذه المدينة العتيقة وإبراز موروثها الثقافي والحضاري والإنساني والرفع من مستوى جاذبيتها السياحية، وتحسين ظروف عيش الساكنة، والرفع من مستوى دخل الحرفيين، وتنمية الاقتصاد الاجتماعي.

وتغطي هذه العملية عدة مجالات تهم اساسا إنجاز مجموعة من المشاريع تتعلق بترميم مرافق عمومية وترصيف أرضية أزقة وتهيئة أسقفها، وتجديد أسوار المدينة ، وأبواب المحلات التجارية والمنازل والمساجد والزوايا، والإنارة العمومية وإنشاء مساحات خضراء، وإعادة تأهيل الفنادق التقليدية مع الحفاظ على وظائفها، وكذا إنشاء ملاعب للقرب وفضاءات عمومية خضراء، فضلا عن معالجة المباني الآيلة للسقوط .

وبالموازاة مع ذلك ، تم إعداد برامج لتثمين المدينة العتيقة يهدف إلى المساهمة في خلق منتوج سياحي متميز يغطي عدة جوانب منها تشوير الأزقة والمسالك والساحات وسط المدينة، وتخصيص دراجات عادية ثلاثية العجلات ، لتمكين السياح من القيام بجولات داخل فضاءات المدينة .

وتبقى الإشارة إلى أن المدينة العتيقة للدار البيضاء ، التي تقع في وسط العاصمة الاقتصادية وتطل على مينائها وعلى كورنيشها ، مؤهلة لكي تصبح أكثر جاذبية وجمالية ، بمجرد دخول الشطر الثالث من برنامج المباني الآيلة للسقوط ، حيز التنفيذ ، وهو ما يؤهلها أكثر لكي تكون معالم عمرانية جذابة وجميلة تنخرط في الدينامية التنموية التي تشهدها العاصمة الاقتصادية في العديد من المجالات .

وفي الوقت الذي تشهد فيه المدينة القديمة هذه الدينامية التنموية ، يقع الشيء نفسه في معلمة معمارية أخرى تقع جوار هذا الصرح التراثي المعماري ، ويتعلق الأمر بمعلمة "زيفاغو" المعروفة باسم الكرة الأرضية ، التي تعد إحدى المآثر العمرانية المهمة التي تنضج بعبق التاريخ .

فعملية تهيئة الكرة الأرضية ، التي تتواصل حتى تعود هذه المعلمة قبلة لكل البيضاويين، كما كانت في الماضي القريب ، يندرج في إطار الحفاظ على جزء من ذاكرة العاصمة الاقتصادية ، التي تختزن تصورات هندسية تحمل توقيعات مهندسين كبار ، منهم المهندس الفرنسي جون فرانسوا زيفاغو الذي صمم هندسة الكرة الأرضية في وسط القرن الماضي .

وبالعودة إلى التاريخ ، فإن جون فرانسوا زيفاغو ، الذي ازداد بمدينة الدار البيضاء في 8 غشت من عام 1916 ، وتوفي سنة 2003 ، سعى وقتئذ إلى تحويل فضاء أساسي في قلب العاصمة الاقتصادية، إلى تحفة جميلة ، ومكان للإخبار وتوجيه زوار المدينة، وممر آمن للمارة .

ومن بين المنشآت الأخرى التي ساهم زيفاغو في وضع تصاميمها، وضعه تصميم المحكمة الابتدائية بالمحمدية سنة 1956 ، وتصميم المحكمة الابتدائية بابن احمد سنة 1958 ، ومجموعة مدارس بيزيه بالبيضاء سنة 1960 ، ومركز الإصلاح والتهذيب بتيط مليل سنة 1960 .

ومن شأن إعادة تأهيل معلمة الكرة الأرضية والمرافق تحت أرضية التي تقبع تحتها ، أن تعيد الحياة إليها باعتبارها رمزا ثقافيا وسياحيا من رموز العاصمة الاقتصادية.

لقد شكلت المدينة القديمة أو العتيقة للدار البيضاء ، منذ أمد بعيد ، فضاء مفضلا للعيش بالنسبة لشريحة كبيرة من الساكنة المحلية . ولأنها ما تزال تعج بالحياة بمعناها الواسع ، فإن تهيئتها لكي تساير متطلبات الحياة المعاصرة ، هو من صميم المحافظة على الذاكرة الجماعية، ومن مرامي تثمين مجالاتها كي تتحول إلى فضاءات للتنمية البشرية والعمرانية والسياحية .