الجمعة 22 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

هكذا تحول الفلفل الحار إلى «رزق قار» للفلاحين ضواحي الدار البيضاء

كازا 24 الخميس 28 نونبر 2019

عبد الإله شبل /عن :هسبريس

لم يكن العديد من الفلاحين ضواحي مدينة المحمدية يصدقون أن الفلفل الحار قد يعود بالنفع عليهم ويوفر دخلا قارا لهم وفرصا للشغل، لكن شبابا، وضمنهم الحاصلون على شهادات عليا، حولوا ذلك إلى حقيقة، وصار هذا الفلفل مورد رزق لهم وغيّر حياة كثير منهم بعدما كانوا يعانون من البطالة والتهميش.

 

ضواحي مدينة المحمدية، تحولت العديد من الأراضي الفلاحية إلى ضيعات لإنتاج الفلفل، خصوصا على مستوى جماعات سيدي موسى المجدوب وسيدي موسى بن علي والشلالات. بهذه المنطقة، صار الفلفل الحار يوفر فرص شغل لليد العاملة، وبات مورد رزق لكثير من الفلاحين.

بداية زراعة الفلفل

زراعة الفلفل الحار بمنطقة زناتة ضواحي المحمدية ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وقد تنامت بفضل وجود فلاحين فرنسيين. كان هؤلاء الفلاحون يستعملون الفلفل الحار كسياج لضيعاتهم الفلاحية، وبمثابة أدوية طبيعية لإنقاذ الخضروات وحمايتها من الحشرات.

مع مرور الوقت، بدأ فلاحو المنطقة يتعاطون لزراعة الفلفل، خصوصا وأن منطقة الواد المالح معروفة بخصوبتها وملوحتها التي تسهم في إنتاج وفير لهذا النوع من الفلفل المتميز بعدة خصائص مقارنة بالمنتوج نفسه بمناطق أخرى من المملكة.

 

بحسب العديد من الفلاحين في منطقة زناتة الكبرى، فإن معاينتهم لطريقة زراعة "النصارى" الذين تواجدوا بمنطقة الواد المالح، دفعت آباءهم إلى الشروع في إنتاج الفلفل، حيث بدأت زراعته تعرف طريقها إليهم لتصير غالبية الأراضي مزروعة به.

وأمام شساعة الأراضي الفلاحية بمنطقة زناتة، التي تبدو جلية للعيان، كان لا بد للعديد من الفلاحين أن يبحثوا عن بديل آخر غير القمح، فكان الفلفل سبيلهم نحو تغيير معيشتهم والعمل على تطوير زراعته وتسويقه محليا ووطنيا ودوليا.

مواجهة السماسرة

ظلت زراعة الفلفل وتسويقه من طرف الفلاحين بمنطقة زناتة عشوائية، وكان الفلاح الصغير يجد صعوبة في ترويج هذا المنتوج، خصوصا مع وجود سماسرة السوق، ما جعل العديد من المزارعين يعانون الأمرين، حتى إن منهم من فكر في وقف إنتاج الفلفل.

كان الشبان يلاحظون الواقع المرير للفلاحين من أفراد أسرهم، لكن لم يكن بيدهم حيلة غير مواصلة دراستهم بحثا عن غد أفضل يخرجهم من المنطقة وينسيهم هذا الوضع، إلا أن بعضهم غلبتهم أنفسهم في "تجاهل" معاناة الفلاحين مع الإنتاج والتسويق، ليقرروا الانخراط والمساهمة معهم وتنمية زراعة الفلفل بزناتة.

 

سنة 2011، سيقدم مجموعة من الشباب على تأسيس تعاونية أطلقوا عليها اسم "التعاونية الفلاحية زناتة". شرع هؤلاء منذ بداية عملهم في محاربة الوسطاء الذين كان الفلاحون يتضررون بسببهم، حيث كانوا يجنون أكثر مما يجنيه الفلاح نفسه.

يؤكد محمد رخيلة، رئيس التعاونية، أن الفلاحين كانوا يعانون في مرحلة البيع، حيث يتدخل الوسطاء؛ لذلك "حاولنا تفادي هؤلاء وأن تكون الأمور منظمة للفلاحين، وشرعنا نبحث كيفية تسويق المنتوج".

بحسب رئيس الجمعية، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن الحل جاء بعد إحداث وحدة للتحويل في مشروع تم إنشاؤه مع المديرية الجهوية للفلاحة بالدار البيضاء، "ستعود بالربح على الفلاح ويحسن عائده من الفلفل".

 

التسويق والتشغيل

كان من بين المعيقات التي واجهها الفلاحون في منطقة زناتة، مسألة تسويق الفلفل، الأمر الذي انتبه إليه الفلاحون الشباب في التعاونية المذكورة ووضعوه على رأس أولوياتهم؛ إذ أدركوا أنه بدون تسويق لا يمكن أن تتم تنمية هذه الزراعة.

يقول رئيس التعاونية: "اشتغلنا على هذا الأمر منذ مدة، وحتى المعارض التي حضرناها بالإمارات وألمانيا وفرنسا وغيرها، بحثنا فيها عن شراكات واتفاقيات لتسويق الفلف، وكان ذلك همنا الأول والرئيسي".

 

وعملت التعاونية على وضع خطة عمل تحت إشراف خبراء ألمانيين من أجل تسويق الفلفل، حيث حددت البلدان التي تحتاج هذا المنتوج، وحددت أثمنته، سواء في السوق الوطنية أو الدولية.

وداخل المغرب، عملت التعاونية، بحسب رئيسها، على تسويق الفلفل في غالبية الأسواق النموذجية والسوق التضامني المتواجد بالدار البيضاء، مشيرا إلى أن هناك وعودا بتسويق منتوجهم في السوق التضامني الذي سيشيد في مراكش، إلى جانب تعاملهم مع مجموعة من المطاعم والفنادق والأسواق الكبرى.

عملية التسويق هاته ساهمت في دفع الفلاحين إلى الزيادة في عملية الإنتاج، التي أثرت بدورها على تشغيل اليد العاملة التي ارتفع عددها بحسب كل ضيعة فلاحية. فقد ارتفعت المساحة المزروعة إلى 330 هكتارا في السنوات الأخيرة، فيما بلغت المردودية 20 طنا في كل هكتار، الأمر الذي ضاعف اليد العاملة، ووفر فرص شغل عديدة للشباب بالمنطقة، إذ تشغل التعاونية وحدها 90 عاملة وعاملا زراعيا.

من خلال وحدة التحويل التي استفادت من دعم برنامج المخطط الأخضر، وكذا عبر المشاركة في المعارض الدولية بفضل وكالة التنمية الاجتماعية بالرباط، إلى جانب خضوع أفرادها لعدة دورات تكوينية مع المديرية الجهوية للفلاحة بالدار البيضاء، استطاعت هذه التعاونية أن تعيد الأمل إلى الفلاحين بالمنطقة وتحول الفلفل الحار إلى مورد رزق لهم.