التعادل الإيجابي يحسم مباراة «الديربي البيضاوي» بين الرجاء والوداد |
نشرة إنذارية: طقس حار مرتقب من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة |
«الديربي البيضاوي».. التشكيلة الأساسية للرجاء والوداد |
حافلات الدار البيضاء.. تغيير مؤقت في جزء من مسار الخط الرابط بين داوليز والسالمية |
رغم أنه بدون جمهور.. تعزيزات أمنية بملعب «العربي الزاولي» لتأمين «الديربي البيضاوي» |
رمال «تيري بيري» الوحش الذي يتربص بمباني كازابلانكا | ||
| ||
توقف نور الدين أمام تلة من الرمال، قرب أحد المنازل المراد بناؤها، بأحد الأحياء الشعبية، دقق فيها مليا، رفع حاجبيه اهتماما، ثم أمسك حفنة منها، قلبها بين أصابعه، فندت عنه ابتسامة تحمل مزيجا من السخرية والحنق، إنها ليست رمال حقيقية، بل هي "الشينوية" أو "تيري بيري" في أحسن الأحوال، لتظل هاته الأنواع المماثلة لرمال البناء، خطرا حقيقيا على مباني العاصمة الاقتصادية، والتي يعلم أمرها "الطاشرونات" وأصحاب مستودعات بيع الرمال... "يصعب على المواطن العادي أن يميز بين الرمال الحقيقية، وبين تلك المغشوشة، التي أصبحت تغزو أسواق معدات البناء بالعديد من المدن خاصة الدار البيضاء والمدن المحيطة بها، لكن الفرق واضح بالنسبة لأصحاب الميدان، وحتى للخبراء ومهندسي البناء، لكن لا من يحرك ساكنا.."، تحدث نور الدين بمزيد من الحنق الواضح، وهو يقلب حبات الرمال المغشوشة بين أصابعه في حركة تنم عن كونه خبيرا في أمور الرمال التي تستعمل في البناء، قبل أن يضيف :"لا يعقل أن يشتري المقاولون الرمال بأثمنة تتراوح بين 4000 و5000 درهم لحمولة الشاحنة الثقيلة "رموك"، في حين أن ثمنها الحقيقي يصل إلى 8000 درهم.." «تيري بيري» و«الشينوية» الخلطة السحرية تسترعي انتباهك وأنت تقف أمام إحدى مستودعات بيع الرمال، مجموعة من الآلات، وهي تشتغل بطريقة احترافية، في تقليب أكوام من الأتربة مختلفة الألوان، بعضها أبيض، وهو ما يعرف بـ"بياضة"، وبين أخرى مائلة إلى الحمرة، وبين ثالثة مائلة إلى السواد، يشبه إلى حد كبير ما يقوم به الرسام في خلط الألوان وجعلها تنسجم مع بعضها لتشكل خليطا متجانسا يجعلك تكاد تقسم أنها رمال نقية جلبت للتو من مدينة الصويرة أو مهدية أو أي من المدن الساحلية التي تعتمد الأبنية بمدينة البيضاء والنواحي على رمال شواطئها في منظومة العمران. لكن الفرق بين الخلطتين، هو أن الرسام يحاول ما أمكن أن يدهش زوار المعرض والنقاد والفنانين بذوق راق، ولوحة فنية متميزة تبعث الحياة في نفوس المتفرجين، في حين أن خلطة مستودعات الرمال، تحاول ما أمكن أن تخدع المقاولين والمشترين، وتنتج لهم خلطة سحرية قد تسلب حياة السكان على غفلة منهم وهم ينعمون بالطمأنينة في مسكن شيد حديثا، كما حدث في السنوات الأخيرة حين انهارت عمارة حديثة في مدينة القنيطرة مخلفة ضحايا في الأرواح، لا ذنب لهم سوى أنهم وثقوا في المقاول واقتنوا شققا لعيش فيه شيء من الكرامة، قبل أن يصبحوا ضحايا مؤامرة حيكت ضدهم على حين غرة. «الشينوية».. الخطر القادم من الغرب تأمل سي احمد طويلا، ومرر يده اليمنى على وجهه الذي يبدو أنه لم يحلقه لأيام، ثم لمعت عيناه الضيقتان قبل أن يسترسل في القول بلغة الخبير :"تتركب خلطة رمال "الشينوية" من "الحمري" المستقدم من غابة المعمورة ضواحي القنيطرة، أو من الأتربة المستخرجة من عمليات البناء الخاصة بالمجموعات السكنية بتلك النواحي، حيث تقوم الشاحنات القادمة من المدينة بتحميل تلك الأتربة بقيمة 200 درهم، في غفلة عن المراقبين واستقدامها إلى مدينة الدار البيضاء والنواحي وبيعها للمستودعات ب2000 درهم، حيث يقوم أرباب المستودعات بخلطها بتراب أبيض يطلق عليه "بياضة" الذي يتم استخراجه من باطن الأرض بالدار البيضاء عن طريق أشغال البناء سواء للفيلات أو الإقامات السكنية، والتي تبلغ كلفتها حوالي 400 درهم لحمولة الشاحنة الثقيلة بسعة 30 مترا مكعبا." «تيري بيري» الوحش الذي بسط سيطرته على المباني يصفها مهتمون بأنواع الرمال بالوحش المخيف الذي يهدد المباني الجديدة بالانهيار، وذلك بعد الترخيصات المشبوهة التي يحصل عليها مقاولو البناء، وذلك ناتج إما لعدم تمكن المهندسين المعماريين والخبراء من اكتشاف الخدعة، أو لترك الأمور تسير مادام في الأمر تفاهما بين الطرفين. قطع نور الدين حديثه، وصمت لحظة، وكأنه يصغي لوقع كلامه الذي لا يخلو من مفاجآت، نفخ صدره في زهو كأنه لاعب كرة قدم سجل هدفا مهما لفريقه أهله لنهائي مسابقة كبرى، ثم ابتسم كأنه يهنئ نفسه عن البوح بسر لم يقدر الكثيرون الجهر به، ثم رفع رأسه في حركة تمثيلية، واسترسل سلسلة البوح العظيم :"يجب أن تعلم أن هاته الرمال المغشوشة يتم استخدامها في مجموعة من أوراش البناء الصغرى منها والكبرى، كمنطقة إعادة إسكان المستفيدين من كريان سنطرال بالحي المحمدي، قرب مقبرة الغفران بالهراويين، ومشروع الرحمة بالحي الحسني، ومشاريع سلام أهل الغلام المخصص لساكنة دواوير الرحامنة وطومة والسكويلة، كما يتم استعمالها أيضا في مشاريع إعادة إسكان دواوير الصفيح بنواحي المحمدية وبوسكورة والدروة وبرشيد ودار بوعزة والخيايطة، و"ليساسفة". الرمال تنهب بدون مراقبة حسب معلومات حصلت عليها "كازا24" وهي تغوص في عالم الرمال بأنواعها المغشوشة منها، وحتى السليمة التي يتم استقدامها بطرق غير مشروعة، تقوم مافيا مشكلة من أصحاب المستودعات، وآخرين لا يملكون إلا الشاحنات وروح المغامرة بسرقة الرمال الجيدة من الدار البيضاء والنواحي، بعد أن ضعفت المراقبة التي كانت قبل سنوات مشددة، حيث كانت الأمن والدرك يراقبون ورقة خروج الرمال والأتربة من المقالع، لكن في الآونة الأخيرة اختفت هاته المراقبة تقريبا مما فتح المجال لمافيا تهريب وسرقة الرمال إلى النشاط بشكل مهول، حيث صارت رمال شواطئ عين السبع، طماريس، سيدي رحال، والشواطئ البعيدة نسبيا عن التجمعات السكنية، ليتم تحميل رمالها ليلا ونهارا، وهو ما يساهم في الخطر البيئي الذي يتهدد المناطق الشاطئية، كما هو الحال بالنسبة لشواطئ الصويرة القديمة التي تمت تعريتها. الرمال المغشوشة.. كارثة في الطريق إليكم أكد أحد المهندسين المعماريين أن الرمال المغشوشة، التي تتكون من نسبة مهمة من الأتربة غير المتماسكة، قد تؤدي إلى كوارث إنسانية بإمكانها حصد الأرواح بارتداد أرضي بسيط، أو بتعرضها لعوامل طبيعية كالعواصف والأمطار القوية، أو حتى زلزال بسيط. | ||