التعادل الإيجابي يحسم مباراة «الديربي البيضاوي» بين الرجاء والوداد |
نشرة إنذارية: طقس حار مرتقب من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة |
«الديربي البيضاوي».. التشكيلة الأساسية للرجاء والوداد |
حافلات الدار البيضاء.. تغيير مؤقت في جزء من مسار الخط الرابط بين داوليز والسالمية |
رغم أنه بدون جمهور.. تعزيزات أمنية بملعب «العربي الزاولي» لتأمين «الديربي البيضاوي» |
سيرج بيرديغو: هكذا تعيش الطائفة اليهودية بالمغرب | ||
| ||
عن/أصوات مغاربية سيرج بيرديغو هو الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية بالمغرب والعالم، شغل سابقا منصب وزير السياحة ما بين سنتين 1993 و1996 في عهد الحسن الثاني. يتحدث في هذا اللقاء مع "أصوات مغاربية" عن الذاكرة اليهودية، وضعية اليهود المغاربة، أحياء الملاح، واليهود بالمغرب الكبير. من يكون سيرج بيرديغو؟ ولدت في مدينة مكناس عام 1937، وأنتمي إلى عائلة الحاخامات الكبار الذين قدموا إلى مكناس عام 492 بعد ترحيلهم من إسبانيا من طرف المسيحيين الكاثوليك والمسلمين أيضا. تركت مدينة مكناس بعد وفاة والدي الذي كان رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب ما بين 1937 وحتى وفاته عام 1968. فوالدي كان له شرف الحديث إلى الملك محمد الخامس ومحاورته حول كل ما يتعلق بإنقاذ اليهود خلال الحرب ضد الوحشية النازية والهولوكوست. دخلت إلى مجلس الطائفة اليهودية سنة 1972، وأسست مع أصدقائي "تجمع اليهودية المغربية" الذي هو عبارة عن منظمة عالمية خاصة باليهود المغاربة في العالم، والهدف منها تحسين علاقتهم مع المغرب، وخلق الحوار بين الديانتين اليهودية والإسلامية، بالإضافة إلى تعزيز السلم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. هل ترى أن هناك اهتماما في المغرب بمسألة الذاكرة اليهودية؟ طبعا، ففي سنة 2010، قام الملك محمد السادس بإطلاق عملية كبيرة جدا لترميم المقابر اليهودية، وهو شيء استثنائي في العالم كله في اللحظة التي تدمر فيها المقابر وكل بقايا الماضي. أما في المغرب فنجد أن الملك اتخذ قرارا بترميم 167 مقبرة يهودية في الوقت الذي يتم فيه ترميم مقابر المسلمين. الدستور المغربي أيضا اعترف بالديانة اليهودية كمكون للهوية المغربية وهو قرار فريد من نوعه يؤكد أن في المغرب مناخا استثنائيا للتعايش بين ديانتين سماويتين منفتحتين وهما: الإسلام المالكي واليهودية المغربية. كيف ترون وضعية اليهود المغاربة اليوم؟ دستور 2011 اعترف باليهود المغاربة وبالعبرية كجزء من الهوية المغربية، ومن النادر أن تجد دولة مسلمة تعترف أن اليهودية جزء من مكونات هويتها إلى جانب الثقافة الإسلامية والصحراوية والأمازيغية والأندلسية، هذه الكيمياء هي التي جعلت من المغرب بلدا منفتحا ومتعددا. لا يمكن أن ننكر أنه كانت هناك لحظات مظلمة في تاريخنا، ولكن وضعية اليهود المغاربة، حتى أثناء الحرب والاستعمار، كانت دائما أحسن من نظيراتها في العالم كله. ما الذي جعل وضعية اليهود المغاربة أفضل من نظيراتها في العالم؟ في المغرب كانت هناك دائما مؤسسة مهمة وهي مؤسسة "أمير المؤمنين". ملك المغرب محمد السادس هو أمير المؤمنين وليس أمير المسلمين، ولذلك هو يتحمل مسؤولية كبيرة جدا تجاه اليهود ويحمل على عاتقه واجب حمايتهم، وهو ما يفسر هذه العلاقة الأخوية بين ملك المغرب ويهود المغرب. عندما أنقذ محمد الخامس اليهود من المحرقة، فذلك يعني أن أمير المؤمنين هو الذي فعل ذلك، لأنه يعتبر هذا جزء من واجباته الدينية والأخلاقية. هل ترون أن انخفاض عدد اليهود المغاربة المقيمين سيكون له تأثير على وجودهم بالمغرب مستقبلا؟ صحيح أن عدد اليهود المغاربة المقيمين بالمملكة انخفض، فقد انتقلنا من 280 ألف يهودي إلى 3 آلاف، ولكننا نستقبل كل سنة حوالي 50 ألف يهودي ممن يريدون اكتشاف ثقافة أجدادهم، أو لزيارة أصدقائهم المسلمين وأيضا للتبرك بالأولياء الذين يتشاركون بعضهم مع المسلمين، ولدينا مؤسسات تشتغل بطريقة طبيعية، لدينا مدارس ومستشفيات، ولدينا حاخامات موظفين لدى الدولة يطبقون القانون العبري تحت اسم جلالة الملك في المحاكم المغربية. إذن نحن اليهود نعيش في المغرب حياة طبيعية، ونعيش إلى جانب إخوتنا المسلمين في المباني نفسها، نختلط معهم كل يوم ونشتغل معهم. إن الذي يهم هنا ليس هو الكم، وإنما الرمزية. اليهود المغاربة مكتسب رمزي لهذا البلد، والمسلمون فخورون باليهود المغاربة، لأنهم أينما كانوا يبقون دائما مرتبطين ومتمسكين بالمغرب. الحسن الثاني قال: "عندما يغادر يهودي مغربي بلده، نفقد مقيما، ولكننا نربح سفيرا"، ومن الجيد أن يكون لدينا مليون سفير في العالم.
سلطتم الضوء على حياة اليهود المغاربة وعلى صفحات تاريخية من حياتهم سنة 2016 من خلال الفيلم الوثائقي "يا حسرة على دوك ليام"، لماذا "يا حسرة"؟. أتيحت لي الفرصة لتصوير مجموعة من الأفلام ما بين عامي 1953 و1956 حول حياة الطائفة اليهودية في تلك الفترة عندما كانت أعدداهم تتجاوز 200 ألف شخص. ومع ابني مارك بيرديغو أنتجنا فيلما وثائقيا معنونا بـ "يا حسرة على دوك ليام". عندما نشاهد هذا الفيلم، نرى القرب الذي كان موجودا بين اليهود والمسلمين والتشابه بين حياتيهما لدرجة لم يكن ممكنا التمييز بين اليهودي والمسلم. الفيلم يعرض أيضا العلاقة بين السلطات وبين اليهود في فترة الاستقلال. إذن العنوان الذي وجدته مناسبا لهذا الوثائقي هو "يا حسرة على دوك ليام"، لأن تلك الأيام كانت جميلة والجميع يتذكر هذا بالكثير من الحنين والمشاعر. هل هذا يعني أن هذا الجانب العلائقي بين اليهود والمسلمين لم يعد موجودا؟ لم أقل إن الأمر لم يعد كما كان، ولكن في تلك الفترة، كان ذلك واضحا جدا. اليوم، العائلات تفرقت، منها أفراد يعيشون في المغرب وآخرون رحلوا إلى فرنسا أو إسبانيا أو إسرائيل. أي أن حارسي الثقافة اليهودية هنا قليلون جدا بالمقارنة مع ملايين اليهود المغاربة في العالم، والجميل في الأمر أن هؤلاء اليهود يرون في المغرب بلدهم وأرضهم ويحبون هذا البلد وملكه ويحبون الشعب المغربي. إذن الحياة اليوم ليست أقل جمالا، بل مختلفة. هناك الكثير من الوجوه اليهودية التي طبعت تاريخ المغرب، وبالرغم من ذلك لا نرى أسماءها في الشوارع والأزقة والساحات في المغرب. لماذا في رأيك؟ هذا صحيح، قليلة هي الأماكن التي تحمل أسماء يهود في المغرب. هناك بعض أحياء الملاح التي عاش فيها اليهود، وتمت إعادة تسميتها وتغيير أسمائها القديمة، ولكنني أعتقد أن هناك وعيا بهذا الموضوع، ونحن الآن نحاول الاشتغال على إعادة تسمية جميع الأزقة والأحياء اليهودية بأسمائها التاريخية التي كانت تحملها في الماضي، وهذا ما تم فعلا من طرف الملك محمد السادس في مراكش منذ بضعة أشهر، ونحن سعداء باسترجاع مكانتنا في التاريخ. التاريخ موجود واليهود عاشوا هنا وشاركوا في بناء دولة، ولهم الحق في أن يتم الحفاظ على ذاكرتهم. ما هي رمزية أحياء الملاح في المغرب بالنسبة لك؟ أحياء الملاح مختلفة حسب المدن. هناك أحياء مغلقة، وهناك أحياء في مدن أخرى مفتوحة على المدينة القديمة. في الدار البيضاء مثلا، ليس هناك "ملاح" حقيقي، بل هناك حي يحتوي على عدد أكبر من اليهود مقارنة مع المسلمين، وهذا طبيعي جدا، لأن اليهود لديهم واجبات غذائية وتعبدية مثلا تفرض عليهم أن يكونوا معا. في فاس ومكناس مثلا "الملاح" مغلق، وهذا لا يعني أن هناك تمييزا بين المسلمين واليهود، بل لأن اليهود أنفسهم اختاروا أن يجتمعوا في حيهم الخاص الذي يحتوي على مجازرهم الخاصة ونظامهم الخاص في التغذية ومعابدهم. كيف ترون مستقبل الذاكرة اليهودية؟ وماذا تفعلون كمؤسسة لحفظها وتقوية حضورها في المشهد الثقافي المغربي؟ نحن متمسكون جدا بمسألة الحفاظ على الذاكرة والعادات وقيم اليهودية المغربية. أسسنا مؤسسة التراث اليهودي المغربي، ثم أسسنا متحفا، ونقوم الآن بتجديد جميع رموز الماضي اليهودي في المغرب. ونحن سعداء لأن أصدقاءنا المسلمين يساعدوننا في هذا العمل، فهم واعون بأن هذا جزء من الموروث الثقافي المغربي الذي يجب المحافظة عليه، ويؤمنون بأن علينا العيش في سلام معا في المغرب، مسلمين ويهودا، عربا وأمازيغ. نعمل أيضا على نقل هذا الموروث للجيل الجديد، في المغرب وفي الخارج، ونحن الآن بصدد العمل على موقع إلكتروني اسمه "ميمونة. نت"، والذي سيهتم بتاريخ وقيم وعادات اليهودية المغربية منذ القديم، وأيضا التأثير والتأثر بين عالم المسلمين وعالم اليهود في المغرب الذي يعطينا في النهاية خليطا جميلا سواء في الموسيقى أو في الأدب أو الشعر. هناك أيضا يهود في بعض الدول المغاربية مثل تونس والجزائر وليبيا. هل هناك تنسيق بينكم وبين اليهود المغاربيين على مستوى الحفاظ على الموروث الثقافي اليهودي؟ طبعا، لدينا علاقات مع اليهود التونسيين الذين يعتبرون الطائفة اليهودية الوحيدة المنظمة في المغرب الكبير بعد المغاربة. يجب أن نشير أيضا إلى أن منطقة شمال أفريقيا تمثل أغلبية اليهود المنتشرين في العالم. هناك مليون يهودي مغربي في العالم، ولكن هناك أيضا ليبيون وتونسيون وجزائريون من أصول مغربية ويحملون الجنسية الفرنسية، ولدينا علاقات جيدة معهم. اليهود التونسيون هم الأقرب إلينا، لأن علاقتهم مع بلدهم تتشابه إلى حد كبير مع علاقة اليهود المغاربة مع بلدهم. المصدر: أصوات مغاربية | ||