التعادل الإيجابي يحسم مباراة «الديربي البيضاوي» بين الرجاء والوداد |
نشرة إنذارية: طقس حار مرتقب من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة |
«الديربي البيضاوي».. التشكيلة الأساسية للرجاء والوداد |
حافلات الدار البيضاء.. تغيير مؤقت في جزء من مسار الخط الرابط بين داوليز والسالمية |
رغم أنه بدون جمهور.. تعزيزات أمنية بملعب «العربي الزاولي» لتأمين «الديربي البيضاوي» |
خصوصية علاقة المغرب وإسرائيل في تجذر العلاقة بين المغاربة المسلمين و اليهود | ||
| ||
بقلم: شمعون أوحايون / رئيس اتحاد اليهود المغاربة في إسرائيل بعد توقيع اتّفاقيّة السَّلام مع الإمارات العربيّة المتّحدة، وباعتباري رئيسًا لاتّحاد اليهود المغاربة في إسرائيل، طلبت من بنيامين نتنياهو رئيس حكومة إسرائيل، العمل على إقامة علاقاتٍ دبلوماسيّة كاملة مع المغرب، مُوضِّحًا الأسباب المتعلّقة بقوة العلاقة بين المؤسسة الملكية المغربية وبين المغاربة اليهود، وكذلك الأواصر التاريخية والثَّقافيّة والسِّياحيَّة بين المغاربة اليهود في إسرائيل ونظرائهم المسلمين بالمغرب. فأكد لي بذل جُهود حثيثة لإنجاح هذه العمليّة، مؤكدا على أهمّيّة البعد الثقافي في تقوية هذه القنوات الدبلوماسية وتنشيطها. بعد توقيع اتفاقية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية وبين دولة إسرائيل، وباعتبارنا فاعلين ميدانيين، يعترينا شعور عارم بالتّفاؤل، سواء في المجال الأكاديميّ، في إطار "مركز دهّان" في جامعة بار إيلان، من خلال دعوة ومشاركة باحثين وعلماء من المغرب، أومن خلال الرَّوابط الثقافيّة لاتّحاد الوافدين من المغرب، واستضافتهم عددا من الفنَّانين المغاربة للمشاركة في أنشطة ثقافيّة في إسرائيل. هذه الاتّفاقيّة ذات خصوصية وتختلف عن حالات أخرى كمصر والأردنّ. هي اتفاقية ذات عمق تاريخي، وبعد إنساني وثقافي. لذلك لن تكون اتّفاقيّة باردة، وستثمر على المستويات السياسية، الثقافيّة التجاريّة والسياحيّة بل وحتى الاجتماعية. فبالاستناد إلى البنية الاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة التي نشأت خلال حقبة الحماية الفرنسية بالمغرب ومابعدها، ومساهمتها في تجذير العلاقات بين المسلمين واليهود، افترض وجود عوامل تساهم بشكلٍ كبير، إلى جانب التغيّرات الجيوسياسيّة في منطقتنا، في خلق سلامٍ دافئ بين إسرائيل والمغرب. العلاقة الروحية بين الملكية والمغاربة اليهود حتّى في الفترات التي احتدم فيها الصّراع بين إسرائيل والفلسطينيين، ، وحروب لبنان، والحملات العسكريّة في لبنان وقطاع غزّة، لم تكن الأبواب موصدة نهائيًّا في المغرب، بل ظلَّت العلاقات السياحيّة، رغم تراجعها، قائمة. حيث استمر توافد أفرادٌ ومجموعات من مواطني إسرائيل على المغرب بما في ذلك الحاخام الأكبر في إسرائيل الراب شلومو عَمَّار. الموقف التاريخي الراسخ للمؤسسة الملكية المغربية اتجاه المغاربة اليهود يتمظهر في التدبير اليومي كما تكرس من خلال قرارات تاريخية ضمنت السَّلام والطُّمأنينة والاستمرارية لهذا لمكون المجتمعي والهوياتي المغربي. لقد حافظ الملوك المغاربة على مقومات الهوية اليهودية بالمغرب من خلال مبادرات ذات فرادة، حيث تحظى المقابر اليهوديّة في المغرب على سبيل المثال بالتَّرميم والصِّيانة بانتظام، وهي ظاهرة لا مثيل لها في بلدانٍ أخرى. كما أصدر ملك المغرب تعليماته بترميم وتثمين حي الملاح في مراكش، وهو الحيّ المختزن للذاكرة المراكشية اليهودية، إذ كان تجمعا لعشرات الآلاف من المغاربة اليهود. ويبقى الأمر الأكثر إثارة للإعجاب، هو إعادة الأسماء اليهودية للشوارع والأزقة رغم من أنّ الحيّ لم يعُد اليوم مأهولًا باليهود، حيث يقطن عدد قليل منهم بالمدينة خارج حي الملاح. من بين هذه اسماء هذه الشوارع، نذكر شارع "يشيفا" (المدرسة الدينيّة اليهوديّة)، أو شارع الحاخام أبراهام أبو طبول، وغيرها من الأسماء التي عادت لتحملُها الشَّوارع من جديد. التجذر في النسيج المجتمعي المغربي لقد عرفت البنية المجتمعية اليهودية المغربية حركية كبيرة منذ بداية القرن التاسع عشر داخل المغرب وخارجه. بمساعدة الاتّحاد الإسرائيليّ العالمي (أليانس) كمدرسة رائدة في تطوان تحولت بالتدريج إلى شبكة واسعة تشمل قرابة تسعين مدرسة في جميع أنحاء المغرب كما أُنشِئت أيضًا مدرسة لتأهيل المعلّمين، فتوجه كثيرٌ من الطّلاب نحو فرنسا طلبًا للتّعليم العالي، وازدهرت المنابر والأقلام الصحفية اليهوديّة قُبَيْلَ فترة الحماية الفرنسيَّة، لتنتج عشرات المجلّات بلغات مختلفة: الفرنسيّة والإسبانيّة والعربيّة. كما ساهم التقارب الثقافيّ بين اليهود والمسلمين في توثيق علاقات تجارية قارة وتطويرها. إضافة إلى التَّعاون بين المهنيين والحرفيين اليهود، الذين تخصصوا في حرفً معينة، و بين التجّار المسلمين من جميع أنحاء المغرب، مما ساهم في تعزيز الروابط بين هذين المكونين في إطار العيش المشترك واحترام التنوع والاعتزاز به . لقد أسهمت عوامل كثيرة في ترسيخ مكانة اليهود في المجتمع المغربي على جميع المستويات منذ مطلع القرن العشرين بما في ذلك البعدين القانوني والقضائي. فمع بداية سنة 1918، صدر قانون يحدّد مكانة المحاكم العبرية في المغرب وأنظمة عملها، باعتبارها محاكم رسميّة في الدولة يتمّ تمويلها من خزينة الدولة. لقد عُرِفَت هذه المحاكم بانفتاحها وجرأتها في الأحكام التي أصدرتها في مختلف القضايا، سواء فيما يتعلَّق بالأحوال الشخصية، مكانة المرأة، الميراث والوصايا، وفي الأكل الحلال حسب الشريعة اليهوديّة والذبيحة الحلال، وغيرها. في العام 1947، عُقِدَ الاجتماعُ الأوّل لمجلس الحاخامات في المغرب، فكان نشاط مجلس الحاخامات حدثًا مفصليًّا في كلّ ما يتَّعلَّق بالتعامل مع التحولات المجتمعية والثقافية. حينما أراد مجلس الحاخامات وضع الأحكام وإقرار التَّوجيهات، وضع نصب عينيه توحيد التّقاليد، والانصات لاحتياجات المغاربة اليهود في جميع أنحاء المغرب. متفاعلا مع التحولات التي عرفها مستوى التدين عند الأجيال الحالية. لقد المغاربة اليهود إلى إسرائيل ارتباطا واحتراما كبيرين علاقة بالقيادة الروحيّة الدينية، ومكانتها في هذه الدولة. إذ ظلت للحاخامات في المغرب مكانة تعترف بها السُّلطات المغربيّة التي كانت تكنّ الاحترام للقيادة الروحيّة. والتي استوعبت بدورها الملتزمين بتعاليم الدّين والأقلّ التزامًا بها، وواكبت التحولات المجتمعية عبر سنّ نُظم حديثة تتعلَّقُ بالقضايا الاجتماعيّة، مع الحفاظ على وحدة الأقلية اليهودية في المغرب خلافا لما حصَل مع جالياتٍ يهودية أخرى في دول العالم. روابط ثقافية خاصة التراث الموسيقى المغربي اليهودي على اختلاف أجناسه راسخ في الريبيرتوار الفني والثقافي المغربي، وخاصّة الموسيقى الأندلسية التي تقاسم تراثها اليهود والمسلمون طيلة خمسمئة عام. هي موسيقى فريدة من نوعها، تمزج بين حضارة الشَّرق والغرب، وتمثّل لقاءً بين تقاليد الموسيقى العربيَّة وتقاليد الموسيقى القوطيَّة الغربيّة الّتي أصبحت جزءًا من تراث يهود إسبانيا ويهود شمال إفريقيا.. لقد تعاون الفنّانون المغاربة مسلمون ويهودا في الحفاظ على هذه الموسيقى وأدائها منشدين نصوصا وأدعية من تراثهم الديني في تناغم وانسجام تامين. ظاهرة لا نظير لها في دول عربيّة إسلامية أُخرى. تثمينا لهذا التراث المشترك وحفاظا عليه، أُنشئَت في إسرائيل "الأوركسترا الأندلسيّة الإسرائيليّة" بهدف تقديم أعمال فنّيّة من الجنس الأندلسيّ. لتنال جائزة إسرائيل نظير مساهمتها في إثراء الثقافة الموسيقيّة الإسرائيلية. لا شك في أنَّ هذا واحد من المجالات الثقافيّة التي تعمق العلاقة الثَّقافيّة بين المسلمين واليهود في المغرب. علاقات استمرت راسخة بفضل الذكريات والصور الإنسانية الجميلة التي حملها المغاربة اليهود معهم إلى إسرائيل. وهو ما حذا بهم للعودة لزيارة أماكن ولادتهم ونشأتهم وصلة الرحم بأقاربهم وبجيرانهم في إطار برامج رحلات منظمة. التربية على العايش المشترك في التنوع لقد عرف الاشتغال على الذاكرة المغربية اليهودية، باعتبارها رافدا أساسيا ومتجذرا للهوية المغربية المتعددة ، خلال العشرية الأخيرة . بداية بالإصلاحات الدستورية التي نصت صراحة على الموقع الراسخ للمكون اليهودي ضمن الفسيفساء الهوياتية المغربية. هذا التوجه الذي يشكل تصالحا مع الذاكرة الجماعية المغربية بكل مكوناتها تكرس تحت توجيهات الملك محمد السادس الذي أعطى تعليماته من أجل مراجعة المناهج الدراسية وإدماج مكونات تاريخية وتربوية تستحضر تاريخ اليهود بالمغرب وتراثهم الثقافي ومسار تعايشهم مع المغاربة المسلمين بما يمكن الأجيال الصاعدة من التعرف على هويتهم المتعددة كاملة بدون إنكار لأي مكون. هذا التوجه سيعرف تطورا هائلا مع توقيع وزارة التعليم بالمغرب لاتفاقية شراكة مع المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول القانون العبري بالمغرب وجمعية الصويرة موكادور من أجل العمل على ترسيخ قيم التسامح والتعايش في التنوع داخل المؤسسات التعلمية والجامعية بالمغرب عبر خلق "أندية التسامح والتعايش في التنوع" في المدارس والجامعات، وتنظيم أنشطة ثقافية وفنية واستكشافية حول التنوع الهوياتي المغربي، وإطلاق مبادرات علمية وبحثية تستهدف إبراز الوجه المشرق لهذا التنوع الثقافي المغربي الذي يعد مصدر غنى للجميع. حيث تم تأسيس المئات من هذه الأندية وتنظيم العشرات من الأنشطة التي تعزز قيمة التعايش في التنوع مع تنظيم زيارات تلاميذية وشبابية لمؤسسات حاضنة للذاكرة والثقافة اليهوديين ومن ضمنها بيت الذاكرة بالصويرة. بيت للذاكرة ومركز للأبحاث حول القانون العبري بالمغرب عندما يتعلّق الأمر بالمحافظة على التُّراث المغربي اليهودي، تحضر مساهمة الملك محمد السادس في دعم مشروع إحداث المركز الثقافي التاريخي والتربوي " بيت الذاكرة " بمدينة الصويرة وافتتاحه رسميا خلال الزيارة الملكية للمدينة يوم 08 يناير 2020. حيث شملت أشغال إعادة تأهيل هذا المكان الحاضن للذاكرة اليهودية ترميم كنيس "عطيّة" ، وإنشاء معرض دائم لرموز الهوية اليهودية، وآخر تفاعلي ، وكذا مركز وثائقي للبحث والدراسة الأكاديمية حول التاريخ اليهودي المغربي، بتزامن مع تأسيس مركز للدراسات والأبحاث حول القانون العبري يحمل إسم حاييم زعفراني لدراسة تاريخ التفاعل الثقافي والاجتماعي بين المغاربة يهودا ومسلمين. لقد تحول " بيت الذاكرة" بفضل الرعاية السامية للملك محمد السادس، ومبادرات أندري أزولاي مستشار الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، ومعه مجموعة من الأكاديمية والباحثين المغاربة المسلمين واليهود على حد سواء إلى خلية نحل تحتضن بشكل دائم مبادرات ثقافية وبحثية وفنية وتربوية تشتغل على جميع أوجه الحضور اليهودي في الهوية المغربية مع إبراز تقاطعاته المشرقة مع جميع مكونات الهوية المغربية في حضورها والثقافي والاجتماعي واللغوي. لقد حضرت خلال الثلاثين عاما الماضية العديد من المؤتمرات الدولية حول التراث والتاريخ اليهوديين في فرنسا والولايات المتّحدة الأمريكيّة وكندا وغيرها. بمشاركة ممثّلين عن المغرب. فكان بعض هذه المؤتمرات أكاديميًّا، قُدّمت فيه دراسات عن اليهود المغاربة والعلاقات بين المسلمين واليهود. كما شارَكْتُ مؤخّرًا، في مؤتمر مشابه في مدينة نيويورك، عقد برعاية السَّفارة المغربيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. هذه الدينامية التي تتم بشكل متواز داخل المغرب وخارجه تلتقي في محطات فارقة، مثل مهرجان " الأندلسيات الأطلسية للصويرة" الذي يقام منذ 18 سنة في مدينة الصّويرة تحت الإشراف المباشر للسيّد أندريه أزولاي. حيث شاركَتْ في دوراته فرقٌ وفنّانون من إسرائيل، بما في ذلك الأوركسترا الأندلسيّة الإسرائيليّة في وقتٍ لم تكن فيه علاقات دبلوماسيّة رسميّة بين المغرب ودولة إسرائيل، واستُقبلوا بحفاوةٍ كبيرة. أمّا في الجانب الإسرائيليّ، فمنذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا، تستقبل فرق موسيقيّة ومنظّمات إسرائيلية فنّانين مسلمين مشهورين، ويشاركون في برامجها. أخلص ختاما إلى أن الأمر يتعلق بمنظومة علاقات تاريخية وثقافية واجتماعية راسخة ودافئة لا مجال لمقارنتها بالحالتين المصرية والأردنية علاقات تقويها الروابط الروحية بين المؤسسة الملكية المغربية وبين المغاربة اليهود في العالم أجمع.
| ||