الثلاثاء 26 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

تلاميذ يخترعون تطبيقا خاصا بالهاتف المحمول لكسر العزلة عن الصم والبكم

كازا 24 الأربعاء 9 يناير 2019

وكالات

إذا كانت التكنولوجيا الرقمية تسود مختلف جوانب حياتنا اليومية، فإن البعض يستخدمها بشكل أنسب من الغير.

هذا حال فريق صغير يتكون من أربعة تلاميذ بالمستوى الثانوي، عمل على إخراج فكرة غير مسبوقة إلى أرض الواقع، وتتعلق بتصميم تطبيق خاص بالهاتف المحمول لتسهيل التواصل مع الصم والبكم.

هذا التطبيق على الهواتف الذكية الذي يحمل اسم "هاندي فويس" ، يثير الاهتمام بالنظر إلى تفرده وبعده الإنساني.

تتوفر تطبيقات الهاتف المحمول على منصات للتحميل ، وتشمل مجالات متنوعة مثل الترفيه والتعليم والصحة والموسيقى والسفر والرياضة أيضا.

وإذا كان هدفها الأساسي هو تحقيق مكاسب من خلال تشجيع الجمهور على القيام بأكبر عدد من عمليات التحميل، فإن تطبيق (هاندي فويس) يروم، على العكس من ذلك، تحقيق هدف نبيل يتمثل في وضع التكنولوجيات الحديثة في خدمة فئة اجتماعية هشة تعاني في صمت، وهي فئة الصم والبكم.

تقول عاتكة الوليدي، واحدة من المبادرين لهذا المشروع ، المكلفة بالتسويق والاتصال، "نعيش في القرن الحادي والعشرين، لكننا نجد أن هناك شريحة من المجتمع مازالت تعيش مهمشة في غياب حل تكنولوجي يسهل عليها شؤون حياتها، ويوفر لها حلولا للمشاكل اليومية التي تواجهها، لاسيما في ما يخص قدرتها على التواصل مع مخاطبيها".

هذا الوضع المؤسف تؤكده السيدة نادية الأزرق، نائبة رئيس الفيدرالية الوطنية للصم والبكم بالمغرب، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمساعدة أحد مترجمي لغة الإشارة ، حيث قالت إنها تجد صعوبة كبيرة في التواصل مع الآخرين ، لا سيما بسبب الوصم الذي يعاني منه الصم والبكم، معربة عن الأسف لكون "المجتمع لا يبذل أقل جهد لتسهيل التواصل، حتى ولو بابتسامة".

وأكدت أن هذا التطبيق "هو فكرة من شأنها تسهيل التواصل بين الصم والبكم والأشخاص الذين يستمعون، وتجنب المرور عبر وسيط أو مترجم لتفسير الأمور الشخصية لطرف ثالث أو لموظفين بالإدارات".

وبنفس الحماس ، شددت نائبة رئيس (جمعية المستقبل للنساء الصم ) ، بوجراد زينب، على أهمية هذا التطبيق الذي "سيشكل قيمة مضافة بالنسبة للصم والبكم ومحيطهم"، مؤكدة على أنه من أجل تعزيز التطور الشخصي لهذه الفئة وتنميتها، لابد من التفكير في إغناء هذا التطبيق ليشمل كافة مجالات الحياة، سواء تعلق الأمر بالصحة أو السياسة أو الأسرة أو المدرسة، وحتى القضاء.

ومن جانبها، أوضحت هبة الله بروص، المكلفة بالشق التنفيذي والتكنولوجي للمبادرة، أنه تقرر، كخطوة أولى، دمج التعبيرات الأكثر استخداما في الحياة اليومية ، مضيفة أن بنية المشروع تستند إلى محورين: جزء مخصص للمخاطبين وآخر للصم والبكم. وهكذا تم إحداث صور متحركة ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتية بفضل تعاون جمعية النصر للصم والبكم.

ومن خلال الاطلاع على هذا التطبيق ذي الحمولة الاجتماعية الكبيرة، نلاحظ أيضا أن الشباب الذين صمموه حرصوا على جعل استخدامه بسيطا وبديهيا ومتاحا للجميع. ويتيح تنزيله مجانا على "بلاي ستور"، واجهة مريحة وقاعدة بيانات بثلاث لغات (العربية والفرنسية والإنجليزية).

وأوضحت أن الصعوبة القائمة بهذا الشأن تكمن في اختيار لغة الإشارة التي يتعين اعتمادها في هذا التطبيق، حيث توجد عدة صيغ في جميع أنحاء العالم، بل وحتى على المستوى الوطني، مشيرة إلى أن لغة الإشارة الأمريكية تبقى الأكثر انتشارا.

وبدأت هذه المبادرة بعملية لتبادل الأفكار (برينستورمنغ) بين مجموعة من تلاميذ ثانوية أبي ذر الغفاري بالرباط ، رفقة مستشارتهم المتطوعة التابعة لجمعية (إنجاز المغرب)، خديجة بغداد. وسرعان ما نضجت الفكرة بفضل التزام هذا الفريق الشاب الذي كان قادرا على جذب الاهتمام وإثبات أهمية مشروعه ، ليحصد بذلك عدة جوائز على الصعيدين الوطني والدولي.

وبخصوص المسار الذي تم قطعه رفقة هؤلاء الشباب الواعدين، قالت السيدة بغداد ، وهي أيضا إطار بالمندوبية السامية للتخطيط، "لقد كانت تجربة ممتعة على جميع المستويات، مصحوبة بكثير من التعلم والدروس "، مشيرة إلى أن المشروع ت وج بجوائز في مسابقات جهوية ووطنية لجمعية (إنجاز المغرب) ، فضلا عن جائزة أفضل مقاولة صغرى ذات تأثير اجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، وذلك في إطار مسابقة (إنجاز العرب) التي نظمت في مصر.

وأشارت عاتكة الوليدي التي تتابع دراستها حاليا بالمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما ، إلى أن المشاركة في المسابقة بمصر شكلت فرصة لاكتشاف عالم إثراء ريادة الأعمال من خلال نسج علاقات والتفاعل مع مرشحين آخرين وخبراء ومستثمرين من مختلف البلدان. وفي نفس السياق، أقرت المكلفة بالتصميم والإبداع في هذه المقاولة الصغيرة، مريم شحتي، بأن تطبيق (هاندي فويس) مكنها من معرفة المزيد وتحسين قدراتها على مختلف المستويات. فمن خلال العمل الجماعي في إطار روح الفريق وبإصرار ، تمكن الفريق من التغلب على مختلف العقبات التي واجهها ورفع التحدي المتمثل في التوفيق بين هذا المشروع الذي يشد وجدانهم وبين الدراسات والامتحانات.

ونوهت السيدة خديجة بغداد بالشباب المغربي الذي يتمتع بالكثير من المواهب والمهارات مثل التمكن من اللغات والولوج إلى التكنولوجيا الحديثة وحس الإبداع والمبادرة، داعية الشباب إلى إظهار روح المبادرة، لا سيما المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، وذلك بهدف الجمع بين النجاح الشخصي والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدهم.

ويسعى فريق (هاندي فويس) حاليا إلى تحسين التطبيق من خلال إغناء قاعدة بياناته، عبر إدراج خيارات إضافية، من خلال إعطاء أهمية خاصة للجانب التعليمي وتقديم محتوى متنوع موجه لمختلف الفئات العمرية.

وهكذا، وبعد تألقه في إطار برنامج جمعية (إنجاز المغرب) (المرحلة الأولى) ، ينتقل المشروع إلى مغامرة أخرى من خلال دمج برنامج (سمارت- ستارت) الذي يهدف إلى مرافقة الشباب حاملي المشاريع لإحداث مقاولاتهم انطلاقا من مفهوم التعلم عبر العمل والاستفادة من تجربة ودعم موجهين متمرسين.

ويبقى الوصول إلى المعلومات أكبر عقبة تحول دون تمكن هذه الفئة الاجتماعية الهشة من إثبات قدراتها، والاضطلاع بدورها الكامل كفئة فاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدها. والواقع، أن لغة الإشارة موجودة بصفة متقطعة في وسائل الإعلام السمعية البصرية، ونظام التعليم، وكذا في مختلف الإدارات. وبالتالي، فإن هذا المشروع الحامل لقيم ورؤية يشكل استجابة لحاجة حقيقية في المجتمع ، وذلك بفضل شباب واعين بمعاناة مواطنيهم وحريصين على المساهمة في وضع حد لها .