الثلاثاء 26 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

طلحة جبريل يكتب..درس أخير في« عين الشق»

كازا 24 الأربعاء 17 يوليوز 2019

كان صباحاً مفعما بمشاعر متدفقة، يختلط فيها فرح بأسى، لكن مسحة حزن كانت أكثر وضوحاً على بعض الوجوه.

في حالتي دائماً أقول :لا‌ تبحث عن الحزن .. فهو يعرف عنوانك.

كان صباحاً تمطط نهاراً.

قلت لطلابي في ماجستير (ماستر) "الصحافة الاستقصائية " بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في عين الشق بالدار البيضاء ، إنهم اختاروا صحافة المستقبل ، وهي الصحافة الأصعب .

قلت لهم أيضاً إنهم بحكم التخصص يفترض أن يشكلوا أول كتيبة مقاتلة ومضادة في المغرب لظاهرة "الأخبار الزائفة ".

كتيبة تصنع صحافة الحقائق، وليس صحافة الإثارة التي تنشر" الجهل" و تناهض "الوعي".

أتمنى لهم أن يقتفوا أثر الصحافي الأسطورة "بوب ودورد" أبرز صحافي عمل، وما يزال يعمل، وهو يقترب من عقده الثامن، في الصحافة الاستقصائية . كان من آخر إنجازاته في هذا الصدد كتابه عن الرئيس دونالد ترامب "الخوف"، الذي صدر في سبتمبر من العام الماضي وباع في يومه الأول مليون ومائة ألف نسخة ، ليجد بوب ودورد أن حسابه البنكي زاد بمبلغ 16 مليون دولار .

نعم 16 مليون دولار عائدات يوم واحد من مبيعات كتاب.

أكثر من ذلك ارتفعت مبيعات النسخة الورقية من صحيفة "واشنطن بوست" التي يعمل معها "بوب" كما يطلق عليه زملاؤه ، بنسبة 27 بالمائة .

أعود إلى طلاب ماجستير عين الشق، لأقول إن درس السبت الماضي، كان الأخير خلال سنة دراسية طوت فتراتها.

ركضت هذه السنة بين ست مدن:الرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش وبني ملال.

كانت أيامي في نهاراتها ولياليها موزعة بين قطارات وحافلات.

أزور الرباط يوم واحد في الأسبوع .

نال مني التعب كثيراً ، لكن لم أشعر قط بالضجر.

لا يعرف متعة المساهمة في تكوين أجيال جديدة من الصحافيين إلا من عمل في هذا المجال، خاصة في ظل تراجع ما بات يطلق عليه "الإعلام التقليدي" في مواجهة "الشبكات الاجتماعية ".

ظني، بل يقيني أن المنافسة ستحسم لصالح الإعلام التقليدي كما حدث في الغرب .

هناك تهاوت وكادت تندثر فكرة " الصحافي المواطن"، وبعد الموجات المتدافعة لظاهرة "الأخبار الزائفة " عاد الناس إلى صحافة "الحقائق"، مكتوبة ومسموعة ومرئية.

ثم أن تصاعد دور الصحافة الاستقصائية قلب الأمور رأسا على عقب.

هنا استشهد إلى جانب واقعة بوب وودوارد الذي خلص في كتابه من خلال عمل استثنائي إلى أن ترامب "كذاب" و "مخادع " بعمل آخر .

عمل شارك فيه مجموعة من الصحافيين ، تمثل في تحقيق استقصائي أنجزته "بي بي سي "عن مجزرة الخرطوم التي ارتكبتها مليشيات تحمل بندقية للإيجار.

شاهدوا هذا العمل التوثيقي لتعرفوا ماذا تعني " الصحافة الاستقصائية".

 

لعلها من المفارقات الغريبة فعلاً.

وجدت من بين طلابي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في عين الشق بالدارالبيضاء في مستوى الماجستير (ماستر) أربعة من طلابي الذين سبق وأن كانوا طلابي في مستوى الليسانس ، وهم : فتيحة ، حنان، عبدالرحيم ، ومحمد .

وجدتهم بروح المرح نفسها ، لا أعرف لماذا يريدون أن يكبروا بهذه السرعة.

ثم الصورة الثانية لجميع لطلابي في مستوى الماجستير (ماستر) في الكلية نفسها صدقوني وجدتهم رائعين ، رائعين جداً . أحببتهم .