الساعات الأخيرة لإعلامي لمحمد طلال ..مات وفي نفسه شيء من حتى | ||
| ||
حسن البصري غيب الموت، الليلة الإعلامي الكبير امحمد طلال بعد صراع دام شهورا مع المرض، لم يكن أطباء المصحة وممرضاتها يعرفون قيمة هذا النزيل الاستثنائي الذي كان يرقد في غرفة العناية المركزة، فالمرضى عندهم سواسية لا فرق بين مريض ومريض إلا بفاتورة الإقامة في مصحة خصوصية داخلها زبون وخارجها مدفون. مات امحمد طلال حزينا على قطاع الصحة الذي يحول المريض إلى زبون، مات في مصحة خصوصية في واجهتها رسم لقلب ينبض، بينما تنسحب المشاعر بمجرد تجاوز معبر الحراسة الخاصة. منذ أن حل الرجل بالمصحة وهو يخضع لعملية التنفس الاصطناعي، بينما تعاني أسرته من تعامل اصطناعي لإدارة تحصي ليالي المبيت كأنها وحدة فندقية تابعة لوزارة السياحة. مات طلال مفخرة سيدي عثمان ومبروكة ودرب السلطان وأولاد احريز، مات الرجل الذي لطالما ناضل من أجل كرامة الصحافي فقدر له أن يعيش في آخر أيامه زمن الاستخفاف بأرواح خدام الوطن، رحل الرجل وفي قلبه غصة المصحات الخصوصية التي تجعل أرواح البشر في كف مستثمر لا فرق عنده بين الفران والكلنيك. في المصحة الخصوصية لا يمكن للطبيب أن يمنحك إلا أقراص من الاطمئنان، قبل أن يحيلك على الإدارة لتسوية الفاتورة، في انتظار تسوية الوضع الصحي. في كل الممرات تصادفك علامة "ممنوع الكلام" "ممنوع استعمال الهاتف" "ممنوع الدخول"، وفي الممر المؤدي لقسم الإنعاش علامات تشوير أخرى وقع خطى سريعة وهمسات أصوات وجسد مسجى ورائحة الموت.. ها هي روح طلال تسكن برزخا في رحاب السماء. لم يكن الحارس الخاص الواقف أمام بوابة المصحة يعلم أن ضيفا استثنائيا يرقد في قسم العناية التي قيل إنها مركزة، والحال أنها غرفة إنعاش أشبه بغرفة انتظار للموت. الحارس الخاص لا يعرف إلا الأسماء الصحافية التي تسلط عليها الأضواء ويحفظ عن ظهر قلب أسماء المعلقين، أما صناع الأجيال فلا تجد لهم ذكرا إلا في سير الأعلام ومذكرات خدام الوطن. حتى في مرضه كان طلال حريصا على تقديم درس افتتاحي، من خلال النبش في ذكريات الماضي، كان يعلم أن مرضا يقتحم علبة أفكاره ويحاول أن يعبث بها، لكنه ظل يسخر من المرض ويواجه الألم بالإيمان والصبر. وكان يجد متعة في الحديث عن إدريس البصري حين استطاع أن يجعل الداخلية تتعايش مع الإعلام، وعن صدام حسين الذي كان يود لو أن طلال حمل الجنسية العراقية وانضم لحزب البعث. لو كان صدام حيا لأرسل كومندو إلى المصحة وسافر بطلال إلى أكبر مصحات العالم، لو كان البصري حيا يرزق لأعلن حالة الطوارئ في صفوف قطاع الصحة وانتزع صديقه من بين مصحات خصوصية صحف سوابقها ملآى بذنوب كثيرة. "لو" مجرد حرف تمني. في زمن القذافي لا وجود لمصحات خصوصية في زمن صدام كل المرافق الصحية حكومية في زمن السلطان قابوس التمريض بالمجان ما أحوجنا اليوم إلى الديكتاتوريين كي نمرض كما يريد الحكام لا كما يبتغي أرباب المصحات. إلى أن يأذن وقت الرحيل دمتم في رعاية الله. | ||