توجت وكالة المغرب العربي للأنباء بجائزة تحالف وكالات الأنباء المتوسطية (أمان) لأفضل مقال، ويتعلق الأمر بربورتاج أنجز ببروكسيل حول مخيم للاجئين أقيم بالعاصمة البلجيكية في سياق أزمة اللاجئين التي شهدتها أوربا.
وقد منحت الجائزة للصحافي عادل الزعري الجابري، مدير قطب أوربا الغربية بالوكالة عن مقاله المعنون ب "بروكسيل.. تضامن من أجل تأمين مأوى للاجئين"، وذلك في إطار أشغال الدورة ال 25 للجمعية العامة لتحالف وكالات أنباء حوض البحر الأبيض المتوسط (أمان) التي انعقدت اليوم الأربعاء بتيرانا.
وفي ما يلي نص المقال الذي تم بثه في 4 شتنبر 2015:
"على مقربة من البنايات الزجاجية التي تحتضن المؤسسات الأوروبية، تثير انتباه المارة حديقة مملوءة بالخيام والمظلات، اتخذ منها مئات اللاجئين القادمين من العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان مخيما متواضعا لإقامتهم.
وينتظر هؤلاء الناجون من الغرق، الذين تمكنوا من بلوغ البر، بعد أن خاطروا بأرواحهم وتحدوا بشجاعة أمواج المتوسط العاتية، أمام مكتب الأجانب، وهو الهيئة التي تسجل الوافدين الجدد وتسلم رخصة الاندماج في بلجيكا.
ويروي عمار، وهو لاجئ من العراق يبلغ من العمر 32 سنة، أن رحلته في اتجاه "الفردوس الأوروبي" دامت 24 يوما كادت لياليها لا تنتهي فوق أمواج البحر.
وقال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء لقد تركت عائلتي في العراق، حيث فررت من الحرب والفقر وداعش أي من الجحيم.
في هذه الحديقة-المخيم، نساء وأطفال وشيوخ يتطلعون إلى يد تربت على كتفهم أو بسمة تخفف ألمهم، وفعلا وجدوا السكان المجاورين والقلوب الرحيمة تؤدي واجبها وتقدم لهم المواد الغذائية والأغطية والملابس واللعب والدواء.
وتقول كريستين ، التي قدمت من إقليم لمبورغ بمنطقة فلاموند رفقة ابنها البالغ من العمر 12 سنة، "أشاهد كل يوم صور هؤلاء اللاجئين على شاشة التلفاز. لم أستطع البقاء مكتوفة الأيدي، أحضرت ما استطعت إحضاره".
أما الطفل الصغير، فتبدو عليه البهجة وهو يستعد للوقوف أمام كاميرا إحدى القنوات الفلامانية التي جاءت لتسأله عن هذه المبادرة النبيلة. ولا يتردد في الإجابة على أسئلة الصحفيين مع عرض الأشياء التي ينوي إهداءها لأقرانه من اللاجئين.
وعلى مقربة من المخيم، يشارك مهاجرون غير قانونيين ببروكسيل في تسييره. ففي زاويتهم التي رفعوا فيها لافتة كتب عليها " المهاجرون غير القانونيين يستقبلون اللاجئين"، يقدم هؤلاء المهاجرون الذين ترفضهم أوروبا كل ما بوسعهم من توجيه واستشارة، بل ويضطلعون بدور المترجمين.
ويقدم أسعد، وهو نفسه لاجئ فلسطيني يقيم في بروكسيل منذ سنتين، خدماته كحلاق. وقد اختار ركنا قريبا من المرافق الصحية المتنقلة لإقامة "صالونه" واستقبال الراغبين في حلاقة الشعر أو تصفيف اللحية مجانا.
ويضيف هذا الشاب الفلسطيني "أنا متطوع، لقد عشت نفس الوضع، وأقدم مجانا ما أعرف القيام به. ينبغي الاعتناء بالمظهر حتى في أيام البؤس" .
ويتم التضامن في هذا المخيم الذي يحرسه جنود بشكل خفي، أيضا عبر الشبكات الاجتماعية، حيث أحدث متطوعون صفحات على "الفيسبوك" لجمع الحاجيات في عين المكان وتنظيم التحصيل ومركزة وتنسيق المساعدة المواطنة.
وبعيدا عن هذه الأجواء، عقد أطر الاتحاد الأوروبي، الذين أذهلتهم صورة إيلان، الطفل السوري ذو الثلاث سنوات الذي لفظته أمواج البحر، أمس الخميس، اجتماعات جديدة ببروكسيل ولوكسمبورغ تطرقوا خلالها لملف الهجرة الشائك، ووضعوا سيناريوهات الخروج من الأزمة.
وتحدث البعض عن مهاجرين بالكوتا، في حين يرغب آخرون في إبعاد المشكل خارج الاتحاد الأوروبي من خلال إحداث مراكز للجوء قريبة من مناطق الصراع.
ويردد الجميع أن أزمة الهجرة تهم أروبا كاملة والتي يتعين عليها أن تستجيب بطريقة تضامنية وفعالة.
ومن المقرر عقد اجتماع جديد في 14 شتنبر ببروكسيل، وهو اجتماع إضافي سيتعلق بفرض حصص من المهاجرين على جميع بلدان الاتحاد الأوروبي.
وفي انتظار ذلك، سيقضي طالبو اللجوء بحديقة بروكسيل ليلة أخرى تحت النجوم وهم يحلمون بغد أفضل. |