صديقي الرومانطيقي يحلم بدخول الانتخابات بصفر درهم. قلت له: في هذه الحالة عليك أن تقدم ترشيحك إلى .. دائرة من دوائر الجنة. حيث لا مال ولا وعود، إلا من جاء الله بقلب سليم! وانتظر أن يصوت عليك ملائكة الرحمان.. وعليك أن تنسى الشعوب الوسطى، وتنسى النخبة، وتنسى الجماهير، وأدعو إلى أن يختارك القدر ! أما هنا، في أرض الله الواسعة دائما لأمثالنا، لا يمكن أن تفكر في اقتراع بالمجان.. ذا كان زمان! وقتها كنا نعتقد أن «فروجا بلديا» يمكنه أن ينتصر على وزير في الأشغال العمومية إذا هو صاح في الناس: أنا من هنا. أنا منكم، أنا … منا! الصديق الرومانطيقي، الذي آمن طويلا بأن الأفكار عندما تعتنقها الجماهير تتحول إلى قوة مادية، لم يصدق بأن الجماهير يمكنها أن تتخلى عنه عندما يتخلى عنه جيبه: لم يضع في الحسبان أية جدلية ممكنة بين الجيوب والجماهير، إلا إذا كانت جيوب المقاومة.. الصامدة! ذا كان زمان.. صديقي الرومانطيقي يؤمن بأن الفلوس مجرد فكرة.. وفكرة برجوازية تحديدا… وعلاقته بالانتخابات علاقة عذرية:إنه مرشح عذري.. مثل قيس، مثل جميل بوثينة، …بلا ولا شي« يغنيها بكل صوته العميق وحبه للانتخابات يساري كما في الأغنية ..» بلا ولا شي بحبك بلا ولا شي ولا فيه بهالحب مصاري ولا ممكن فيه ليرات ولا ممكن فيه أراضي ولا فيه مجوهرات تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي تعي نقعد تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي بلا ولا شي بحبك بلا ولا شي بلا كل أنواع تيابك بلا كل شي فيه تزييف بلا كل أصحاب صحابك التقلا والمهضومين تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي تعي نقعد تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي بلا ولا شي وحدك بلا ولا شي بلا جوقة أمّك فيّي ورموش وماسكارا بلا ما النسوان تحيك بلا كل هالمسخرة تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي تعي نقعد تعي نقعد بالفي مش لحدا هالفي حبيني وفكّري شوي..» أصارحكم، أنني لم أصدقه عندما قال إنه مرشح، في الانتخابات الحالية، ذلك لأنه مر أسبوع بكامل جلاجله ولم أر له صورة في الأحياء وفي المقاهي وعلى قارعة الطريق.. مرشح بلا ملامح لدى الناخبين، وكل ما لديه هو كلامه.. فكرته عن الانتخابات.. هو مؤمن بما يقول : أنا الدليل على أن دعم الدولة للمرشحين لا ضرورة له، ولا جدوى منه:فيمكن أن أثبت لها بالملموس أن أموالها ليست إجبارية في الديموقراطية. وأطالبها بأن تستعيد أموالها وتسلمها لجنيفير لوبيز، فهي أكثر قدرة مني على إزعاج رئيس الحكومة وحزبه الذي ….. وللذين يقاطعون الانتخابات يقول صديقي الرومانطيقي: لماذا تقاطعون، كان عليكم أن تدخلوها آمنين فقراء، «بلا ولا شي..». فتلك أحسن طريقة للمقاطعة الجذرية.. للذين يرفعون شعار الشفافية، يقول صديقي الرومانطيقي: لماذا تجتهدون كثيرا، خذوا موقفا جذريا وادخلوها بلا مال ولا بنون.. عراة وحفاة وفقراء… بحالخوكم: مرشح بصفر درهم … رمزي!! صفر درهم وحتى داك الصفر… رمزي! تلك أحسن وصفة للشفافية.. ولأصدقائه الميسورين يقول صديقي الرومانطيقي: شكرا لكم، فقد تبين لي أن الانتخابات لا تحتاج مالا.. مالا نظيفا على الأقل! وقد خسرت روحي… فلماذا تنزعجون من خسارتي لدائرة انتخابية!! صديقي الرومانطيقي آخر.. حلاج في السياسة.. صوفي حتى النخاع، وحتى الخسارة! وهو يردد دوما:لماذا «يبقى خاطرك..» من فقدان شيء أنت لا تملكه.. لهذا يردد صديقي في السر والعلن: أنا المرشح الانتحاري …. ويغير نشيد الطبقة العاملة: سننتحر، ونشيد قلاع الحرية سننتحر ونكسر قيود الرجعية.. بعد اللامال، يبقى اللادين.. وصديقي الرومانطيقي يقول:هذا الدين رأسمالي الكبير وقد ارتكبت ما يكفي من الاخطاء، حتى لا أضيف خطيئة أخرى باستعمال اسم الله عز وجل في حسابات انتخابية..! و في المسافة ما بين المسجد والبانكة يفكر قليلا ثم يصدر البلاغ الأخير: إنني أحذر الأثرياء في الدائرة التي أتقدم فيها وزعماء الأحزاب الغنية الذين ينافسونني لآخر مرة: انسحبوا بشرف وإلا سأهزمكم شر هزيمة… عذرية!!!
عبد الحميد جماهري
صحافي ووكيل اللائحة الجهوية لحزب الوردة في المحمدية |