سلط المشاركون في ندوة نظمت مساء أمس الخميس بالدار البيضاء الضوء على موضوع المواطنة في ظل الإشكاليات المرتبطة بزمن العولمة المتسم بهيمنة ثقافة الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقال محمد الكتاني رئيس مؤسسة (التجاري وفا-بنك ) التي نظمت هذه التظاهرة في كلمة تليت باسمه، إن التحدي الذي يفرضه القرن الحادي والعشرين والمتمثل أساسا في مفهوم المواطنة الذي يتغير باستمرار والذي يتعين المحافظة عليه وتعزيزه ليس فقط من خلال القوانين بل أيضا من خلال الأعمال والالتزام بخدمة الجماعة.
وأشار إلى أن واقع العولمة أصبح حقيقة قائمة تفرض نفسها على الجميع ولا يستطيع أحد إنكارها وأن شباب اليوم قد ولد وترعرع في إطار عالم مشمول بقواعد التبادل الحر وتكنلوجيا الإعلام والرقميات ومواقع التواصل الاجتماعي مذكرا في هذا الصدد بالخطاب الملكي السامي في 20 غشت 2012 الذي توجه فيه جلالة الملك إلى الشباب المغربي باعتباره الثروة الحقيقية للأمة داعيا إياه إلى تحمل مسؤولياته في التطور الاجتماعي للبلاد من خلال تمتعه بالمواطنة الكاملة مع ما تتضمنه من حقوق وواجبات وضرورة إسهامه بصورة بناءة في التحولات التي يعرفها المجتمع مع بقائه متمسكا بثوابت الهوية الوطنية ومنفتحا على القيم الكونية.
وقال الكتاني إن مغزى كون المرء مواطنا مغربيا هو أن يكون "مواطن العالم" مع ضرورة تكوين فئة الشباب لكي تكون في مستوى إدراك الرهانات واستثمار الفرص المتاحة عوض الاكتفاء باستيعاب الإكراهات فقط.
وتناول المشاركون في هذه الندوة عددا من المحاور منها أساسا "أي موقع تحتله المواطنة حيال الأمة في عالم أكثر تواصلا" و"كيفية مصالحة ثقافتنا وتقاليدنا التي تشكل هويتنا المغربية¿"و "كيفية جعل الأجانب المقيمين في المغرب مواطنين كاملي الحقوق".
وتم في هذه الندوة التي ساهم في تنشيطها إدريس جيدان وهو أستاذ باحث، والمهدي عليوة عالم اجتماع وأستاذ العلوم السياسية بالرباط، توصيف مفهوم المواطنة انطلاقا من الاستعمالات الأولى له في العهد اليوناني وفي الإمبراطورية الرومانية، وعلاقة المفهوم بالانتخابات وبالديمقراطية وبالطبقات الاجتماعية التي كان مسموحا لها بالمشاركة فيها والأخرى المحرومة منها كالعبيد والنساء والأطفال، على اعتبار أنهم دون الحق في المواطنة.
واستعرضت في هذا الإطار تطورات المواطنة في أوروبا على عهد الرأسمالية الجديدة والصراع الذي خاضته البورجوازية ضد النظام الإقطاعي منذ القرن الثامن عشر من أجل إرساء الحق في المشاركة في الشأن العام وكذا اتساع مفهوم المواطنة ليشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والحريات العامة والحريات الفردية وحرية المعتقد باعتبارها أجيالا جديدة في هذا التطور.
كما ناقش المشاركون عددا من المظاهر التي أصبحت ترتبط بمفهوم المواطنة في ظل نظام العولمة وهيمنة نمط المجتمع الاستهلاكي وتحول المواطن إلى مجرد زبون لدى المؤسسات الانتاجية الكبرى التي أصبح ارتباطه بها يفوق ارتباطه بالدولة التي يتقلص دورها خاصة في ظل والأنظمة السياسية المبنية على الجهوية.
وخلص المشاركون إلى أهمية المشاركة في تسيير الشأن العام والانخراط في تدبير الشأن المحلي باعتبارهما مجالين لتطوير وإعمال مفهوم المواطنة.
|