لكل منا ذكريات طفولة عاشها بين أحضان أزقة ودروب الحي الذي يقطن فيه، لكل منا ذكريات قد تكون تارة سعيدة وأحيانا تعيسة ! وبين هاته الثنائيتين أرصد لكم أشياء أثثت فضاء طفولة كل من عاش بوَطن صغير، نَسكنه جميعا، بل إنه هو من يسكننا يدعى الحي المحمدي. ...
أشياء لا بد من ممارستها أو تعيش أجواءها لابد من أنك رددت يوما تلك العبارة الشهيرة " وَلعْور و طْلق السينْتا " وسط ظلام سينما السعادة التي اغتيلت كباقي القاعات السينمائية، وأن تتزحلق على درج "سْبيطار سعادة" وتَمتطي "الكَروسة الخشبية " وقت الإفطار في رمضان بالظبط حينما تتوقف الحركة بشوارع الحي و تتحول إلى حلبات ! لابد من أن تشرب الماء من "عوينة شامة " بدرب مولاي الشريف وتذهب رفقة أبناء الدَرب إلى " الشابو" لطهي حلوى" العَسولية" . لابد أن تكتشف أنه في الطابق الأرضي، بمكان ما في درب مولاي الشريف، كان ذات يوم مسرحا تتراقص أدوات التعذيب فيه على أجساد المعتقلين... لابد من أنك لعبت كرة القدم وسط مقبرة اليهود وتستحم بعدها بحمام السعادة الشهير، وتأكل "صوصيص" عند بوجمعة وتُتبعها بالفواكه الجافة عند عبد الرحمن "مول الزرَيعة" الحاصل على جودة "إيزو" في تحضير الفواكه الجافة ! لابد من أن تشعل" الشُعالة" بالإطار المطاطي للسيارات في عاشوراء و تقطف العنب والتين والخوخ من فيلا الحاج فضة وسط معسكر الزرقطوني" القشلة"، وأن تستفيق صباحا على صوت بائع النعناع " المسكيني" وصوت من يَطْلب "خْبيز كارمْ" و أن تشرب الشاي المنعنع وكأسا من قهوة "نص نص" بمقهى السعادة، وفم الحصن... و أن تشتري القمح و القطاني من" رحبة الزرع" وأن تشتري المتلاشيات من جوطية حي سعيدة والسوق الفوقاني وتلبس "حلومة" صندالة الأجيال ! باللون الأزرق و الأخضر و الأبيض الشفاف. لابد من أن تصطاد طائر "الزَرزُور" بالسكة الحديدية قرب درب مولاي الشريف وأن تذهب مع أبناء الدرب إلى شاطئ "المُون" و"بحر ضْراوة" و "الصاريج" وأن تُشاهد مباريات الاتحاد البيضاوي "الطاس" في عصره الذهبي بملعب "الحفرة" . لابد من أن تتزاحم وسط الحافلة رقم" 32 " وأنت متجه إلى شاطئ النحلة والسعادة و الراحة لتَستبدل قشرة جلدتك تحت أشعة شمس غُشت الحارقة، ورقم الحافلة رقم "2" لتتوجه إلى وسط المدينة في معاناة حقيقة مع شدة التدافع و الازدحام ! لابد من أن تذهب رفقة أبناء الدرب إلى " الباطْوار" عند اقتراب عيد الأضحى لكي تَقيس درجة السمنة أكباش العيد بأصابعك ! وأن تنتف نبات "الحريكة" و" الخُونيزة " و تدوس عليها بحذائك لتشوش على حاسة شَم معلمتك !
إن لم تشاهد الأفلام الهندية بسينما شريف، ولم تُشاهد" الحلْقة " قرب القيسارية وخصوصا "كوميرا في ضُغْمة " و "علي بن الحسين" وأن تشتري التوابل المستعملة في رمضان من" مارشي بلوك بازيل" وملابس العيد من قيسارية الحي وسوق السلام و تذهب رفقة والدتك لشراء السواك و الحناء من عند "مي إيزة" قرب كريان "بوعزة". لابد من أن تقلع الضَرس الذي يؤلمك عند" سي حمو" بسبيطار السعادة"، لابد من أن تكتري دراجة هوائية عند "مْحَمدْ" ببلوك الرياض بخمسين سنتيم وأن تُجَبر كَسر يدك أو قدمك أو "تكوي" عند "العياشي" إن وقع لك كسر أو "وإلتواء في الكاحل"، لابد أن تشاهد العمال يحتفلون بعيدهم في موكب يمر من شارع الشهداء كل فاتح ماي ! لابد من أن تدرس السنوات الإبتدائية بمدرسة عمر إبن الخطاب، وابن بسام، أبو علي القالي، الإمام البخاري، البحتري، العياشي، ابن باجة، لآلة الياقوت، ابن حنبل، الجاحظ... وأن تستعد للامتحان بجانكير "أطلس كوبكو" وأن تضع ظرف بريديا " بالبوسطة " قرب الجامع الكبير، لا بد ان تكون تعرف حق المعرفة "النمرة 2"، القلب النابض للحي المحمدي، قيسارية الحي، أو ملحقة جامع الفنا في لونه البيضاوي. لابد من أن تلهو و تلعب بحديقة فم الحصن و "جردة الديوانة" و تشتري " طايب و هاري" من عند "آبا كَمال" وأن تشتري الكتب المدرسية من مكتبات التقدم والخير والنجاح، وتلتقط صورا شمسية عند استوديو بلبل ومولينا والأهرام والنشاط والانطاكي... إن لم تستمع لنُكت "كيرا" و تشاهد "المرحوم أغني" وهو يزين أسوار الحي بالجداريات التشكيلية لابد من أن تُنشد نشيدا بإحدى قاعات دار الشباب وأن تشاهد عملا فنيا بمسرح الحي بالمركب الثقافي وأن تستمع للغيوان و السهام و لمشاهب...
لكي تكون ابن الحي ثم - تاكل الصوصيط عند البَّاناصر و بوجمعة كيجيب الفاخر. - تقطع ورقة عند بايا والبهجا ورحال خو الفرخ فالسعادة وتأكل السمطة عند حسن مراح الشاعر ونبيل لكحل. ودبر على بوشعيب ولا خوخة مول البيل. - تشري الزريعة عند نويرة ولا حسينة وتآكل البيض فلانطراكت عند العسكري. - وتفرج فتيسير منزل وأمنا الأرض وأمي الهندية وتتمتع بدِليب كومار الشاشي كاپور والراجي كاپور وتخرج كتغني (ميري دوستي ميرا بيار). - وتتريني الكاراطي عند مول ملفاي فحي سعيدة وتصوب سنسلا ديال بروسلي من لعصا ديال الشطابة. - تريني البوكس فدار الشباب عند الزروقي - وتضرب لحديد عند الكواي وميلود وكحلاوي وتعمر البادز بالسيمة والرملة باش تريني فالدار. - تحضر للمضاربة ديال بوفرّا السبع وأحمد الركل وولد الگزار. - وتقمر عند أحمد الغول مني يسد القهو - تمشي الحمام عند عباس وحك ليك فريد وغني ليك. - تلعب البيار عند البا كشمان والعسكري والبا عياد وولد الفكاك والبا عمر بكريان الخليفة - وتضرب الباقل ولگرانادا حدى الصاكة الصفرا. - وتصوب لمقالع وتتحارب معا ولاد الشّابُّو ودوار السي أحمد وتاكل البيروري. - تلعب بكروسة دلورمات والنگ والبي والدور ديال التييو لحمر أولا الجانطا وتلعب حابا وجديديدي. - وتحكً بوفرطوطو على الموسطاح و(....) باش تگول أنا كبرت .. وصابون الكف ........ - وتقني فالحفرة ديال الشّابُّو وتعوم فالسكليرة وتآكل الگاميلة معا الفرخ والبا مولو والصاروخ والدابة فالسكة فطريك زرابة. وتشرب قرعة فراكة اوبولعوان اومغرَبي اوبوالبَّادر عيشة الطويلة عندما نصيع ونبدأ نضيع. لا زال الكثيرالكثير وننتظر أن تكتبوا الكثير ليذكرنا بثلك الأيام الخوالي التي كنّا فيها على فطرتنا الحقيقية. لا أحد منا أختار أبواه، أو الحي الذي يقطناه من قبل ولكن لنا بعض الأحيان الإختيار أن نغير وضعنا عبر التشبت بنيل أعلى الشهادات في التعليم وغيره مادام ولازال كل هذا الأخير بالمجان. (محمد راجا مراد بورجى) |