الثلاثاء 21 يناير 2025
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

حقول بقلب الدار البيضاء تتمرد على الزحف الإسمنتي

محمد بوحمام السبت 11 يناير 2020

محمد بوحمام/صحافي بيومية رسالة الأمة

حقول بجماعة الحي الحسني مازالت تتمرد على الزحف الإسمنتي بالدارالبيضاء، التي تحولت هوامشها، إلى صناديق سكنية، للتخلص من بعض دور الصفيح، والتي زادت من تشويه صورة المدينة، لكونها تمثل واجهة مداخل ومخارج المدينة.

هنا يتعايش القطيع بطريقة تكاد تكون آمنة، في أويقات معينة من النهار.. في الوقت الذي لا يمكن التكهن، بما قد يحصل ليلا.. دواوير متفرقة تفصل بينها حقول، وأطلال مباني، تشهد على أن هذه المنطقة كانت عبارة عن ضيعات فلاحية من نوع راقي.. ومن خلال هندستها يتضح أنها كانت في ملكية أجانب.

ولعل اسم أحد الأحياء الجديدة بالمنطقة، على يمين هذه الحقول «ديور النصراني»، وعلى يمينها ما يسمى بدوار «عين القديدة»، المؤدي إلى شاطئ «مدام شوال» بمحيط عين الدئاب.

وهناك وسيلتان للنقل العربات المجرورة بالخيول، والدراجات النارية الثلاثية العجلات، ولو أن المشي هنا على الأقدام، أفضل بكثير.

 

كل سبت في هذا الفصل بالذات وفي فصل الربيع أجدني، في قلب هذه الحقول، التي قد لا تؤمن في الحقيقة حتى برسيم البهائم والخرفان، التي بدت لي تائهة بين ركام القاذورات والأزبال، في الحد الفاصل بين تلك الحقول والمباني الجديدة.

وأي انسلال داخل حقل القمح أو الشعير، ممنوع على أبقار الغير.. وقد عاينت يوما صراعا من نوع خاص لامرأة ثمانينية مع قطيع من الأبقار المتمردة تحت ضغط الجوع، انتهى بانتصار القطيع الذي تاه بعيدا، غير مكثرت بصياحها الذي لا يكاد يسمع حتى بالنسبة لي، الذي كنت أقرب إليها من البقر.

 

الهوامش بالدارالبيضاء، في وقت من الأوقات، كانت عبارة عن فضاءات خضراء، ومتنفسا حقيقيا لسكان المدينة الإسمنتية، حيث كانت النزهة تحلو في نهاية كل أسبوع، إلا أنها للأسف تحولت اليوم، إلى صناديق للسكن الاقتصادي، وامتداد عمراني يكاد يتصل بالمدن المجاورة من جميع الجوانب، عدا جهة البحر.

 

إلى البحر إذن… وفي طريق العودة كانت تلك الأبقار قد انتصرت على الجوع، واسترخت في استراحة قيلولة عند الظهيرة.. واختفت العربات المجرورة والدرجات النارية الثلاثية العجلات، في انتظار توقيت عودة زبناء البحر من الباعة المتجولين والمتجولات وسكان الجوار.