الخميس 28 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

رمضان.. طباع تتأرجح بين الإسراف المفرط والاستهلاك المعقلن

رشيد العمري/ وم ع الأربعاء 19 أبريل 2023

 على بعد أيام معدودات من انقضاء شهر رمضان الكريم، يلاحظ أن بعض الصائمين لا يزالون منقادين وراء بعض الشهوات المتعلقة بمائدة الإفطار، حيث يزداد التهافت على اقتناء كل ما لذ وطاب في ظل الكم الهائل من المنتجات الاستهلاكية المعروضة في الأسواق لدرجة تجعل الأعين تعجز عن حصرها وتحتار حيال تنوعها.

وأمام هذه الوفرة التي تقترن عادة بهذا الشهر الفضيل، ومع تصاعد روائح الطبخ المتداخلة بين شربة “الحريرة” والحلويات وشي الأسماك وما عداها، يجد المستهلك نفسه منصاعا إلى الاقتناء المفرط بشكل يتعدى حاجياته اليومية عند الإفطار أو العشاء أو السحور.

وبسبب الإفراط في الأكل وسوء التدبير، تطفو على السطح سلسلة من المظاهر والتصرفات المشينة التي تتعارض بشكل تام مع ما جاءت به فريضة الصيام، كإحدى الأركان الخمسة في الشريعة الإسلامية السمحاء، ويتجلى ذلك من خلال حجم القمامة والمخلفات المتراكمة التي تقض كل ليلة مضجع عمال النظافة، وتساهم في تلوث البيئة.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المنتدب للجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، الحسين أزاز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن رمضان بالرغم من كونه شهر الكرم والجود الذي يعرف به المغاربة، إلا أن ذلك لا يسمح بالانصياع لآفة الإسراف الذي لا يقبله لا العقل ولا الدين.

وأشار السيد أزاز إلى أن هذا الشهر بات مناسبة لإطلاق العنان للشهوات وملذات الأكل، مبرزا أنه بمجرد ما يقترب موعد الإفطار تتوافد على المخابز طوابير طويلة من الراغبين في اقتناء ما يؤثثون به موائدهم بشكل قد يتخطى حاجياتهم الضرورية.

وأضاف  أزاز، وهو أيضا نائب رئيس السلسلة البيمهنية للحبوب (FIAC)، أنه يحز في النفس أن "نرى أكواما من الخبز ومشتقاته تضيع، في الوقت الذي يضطر فيه المغرب أحيانا إلى استيراد ما يزيد عن 50 في المائة من حاجياته من مادة القمح".

وتابع المتحدث أن الجامعة، إسهاما منها في توعية المستهلك وأرباب المخابر، فهي لا تفوت أية مناسبة لتجديد الدعوة إلى ضرورة ترشيد استهلاك مادة الخبز ومشتقاتها، أخذا بعين الاعتبار الضياع الملموس الذي يقف عليه أصحاب المخابز في ما يخص مجموعة من المواد التي تدخل في تحضير كل ماله صلة بمنتجاتهم من هلاليات وفطائر ورغيف ومختلف أنواع الخبز والحلويات.

وأكد أنه يمكن الوقوف على حجم الكميات التي تؤول إلى الضياع من خلال زيارة ميدانية للسوق الوطني لقلعة السراغنة المعد خصيصا لاستقبال بقايا الخبز وكل ماله علاقة بمستخلصات الحبوب، مشيرا في هذا الصدد إلى أن أصحاب المخابز اعتادوا على ضياع ما لا يقل عن 60 إلى 100 خبزة في اليوم الواحد.

وأضاف السيد أزاز أن هذا الكم يبقى ضخما، ينضاف إليه ما يخلفه القطاع غير المهيكل الذي يعتمد في إنتاجاته على تقنيات بدائية قد تنعكس سلبا على سلامة وصحة المواطنين، فضلا عن عدم الاحترام لشروط المنافسة الشريفة.

وعلى صعيد متصل، أكد الباحث السوسيولوجي، مصطفى أبو مالك أن التغذية خلال شهر رمضان تبقى عند الغالبية بعيدة كل البعد عن الحكمة من وراء الصيام الذي يتوخى منه الإحساس بالجوع والعطش مما يسمح بالتفكير في أحوال الفئات الهشة والمعوزة، ويدفع إلى تقاسم اللقمة وتكريس قيم التضامن بين مختلف مكونات المجتمع.

وأضاف في تصريح مماثل، أن مفهوم التغذية على العموم حاد في وقتنا الحاضر عما كان مألوفا عند الأجداد، والمبني بالأساس على القناعة والرضى بما هو متاح، بل أضحى الأمر يجسد نوعا من التباهي والتنافس حول الوجبات بشكل يؤدي إلى الإسراف وهو ما ينعكس سلبا على الحالة الصحية والنفسية والمادية لأفراد المجتمع.

وخلص  أبو مالك إلى أن تعليل الإسراف من منطلق أن “العين تأكل قبل البطن”- كما هو مشاع – يبقى دربا من دروب الضلال، وأن مثل هذه المفاهيم هي التي ساهمت في خلق ثقافة وطقوس جديدة في أطباق الأكل سواء من حيث الشكل أو المحتوى، وذلك نابع من الرغبة في التغلب على الإحساس بالحرمان من الطعام خلال اليوم، مبرزا أن هذا الأسلوب تعدى مجال التغذية ليشمل أيضا باقي المظاهر والعادات الاجتماعية والثقافية من لباس وأثاث منزلي وغيرها.