قضت محكمة الجنايات في مدينة المدية (90 كيلومتراً جنوب العاصمة الجزائرية) بسجن الناشط السياسي كمال الدين فخار لمدة 5 سنوات، بينها 18 شهراً مع النفاذ، بتهمة التحريض على العنف، وهي الاتهامات التي رفضها فخار الموجود في السجن منذ 22 شهراً. وكانت محكمة المدية قد نظرت قضية الناشط كمال الدين فخار الموجود في السجن منذ 22 شهراً، والذي تم توقيفه عقب الأحداث الدامية التي عرفتها مدينة غرداية صيف 2015، والتي شهدت صدامات عنيفة بين الإباضيين والمالكيين، وسقط فيها قتلى وجرحى، وقد تم توقيف فخار بتهمة التحريض على العنف ونشر الفتنة الطائفية. ورغم أن فخار قضى أكثر من 22 شهراً في الحبس المؤقت، إلا أنه لن يستفيد من إفراج قريب، على اعتبار أنه مازال متهماً في قضايا أخرى تتعلق بالأحداث الدامية التي عاشتها مدينة غرداية خلال السنتين الماضيتين، رغم أن فخار الذي دخل في إضراب عن الطعام لأيام عدة في وقت سابق، يقول إنه بريء من التهم الموجهة إليه، وهو ما أكد عليه خلال مثوله أمام القاضي، مشدداً على أنه ضحية في هذه القضية، وأنه قضى 22 شهراً وراء القضبان دون وجه حق، ونفى أن يكون قد حرض على العنف أو الفتنة الطائفية، وأن كل ما فعله هو إطلاق تحذيرات ودق ناقوس الخطر بخصوص الأخطار التي كانت تهدد الإباضيين، والتي وصلت حد سقوط قتلى وجرحى وتخريب ممتلكات وتهجير مواطنين من منازلهم بالقوة.
جدير بالذكر أن الأحداث الدامية التي عرفتها مدينة غرداية الهادئة المعروفة بالتعايش السلمي بين الإباضيين والمالكيين مازالت لغزاً محيراً، صحيح أن المنطقة شهدت ومنذ عقود صدامات وتشنجاً بين «الطائفتين»، لكن الأمور تطورت بشكل خطير ما بين 2013 و2015، مع تجدد المواجهات واستعمال أسلحة نارية، وقد قدمت الكثير من الروايات، دون الاستقرار على رواية واحدة، فهناك من اعتبر أن الذي حدث كان يقف وراءه بارونات المخدرات، الذين وجدوا الأبواب مغلقة أمامهم وتجارتهم غير الشرعية مضيق عليها، وهناك من فسر الصدامات العنيفة على أنها نتيجة تراكمات تعود لسنوات طويلة، ما خلق هوة بين المجتمعين المالكي والإباضي، والفوارق الاجتماعية الموجودة بينهما زادت في توسيع تلك الهوة، والبعض الآخر ربط بين ما جرى في غرداية وبين يد أجنبية حاولت العبث بأمن الجزائر، بل إن بعض السياسيين مثل عمار سعداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني اتهم الفريق محمد مدين قائد جهاز الاستخبارات السابق بأنه يقف وراء تحريك تلك الأحداث، وهو اتهام خطير، تم إبعاد سعداني من الأمانة العامة للحزب أيامًا قليلة بعد إدلائه به. وبين كل تلك الروايات ضاعت الحقيقة، وبقي للسلطات أن تعتمد على الحل الأمني الكامل للحيلولة دون تجدد المواجهات، بعد أن فشلت كل محاولات الوساطة والصلح، بما جعل السلطات تعمد إلى نشر الآلاف من رجال الدرك الوطني في المدينة ليكونوا الفاصل بين الإباضيين والمالكيين. |