مصطفى لطفي (الصباح)
لا يختلف اثنان في أن الشرطة القضائية لعين السبع الحي المحمدي، من أنجح الفرق الأمنية بالبيضاء، والدليل أن إحصائياتها الأخيرة في التصدي للظواهر الإجرامية بمختلف أنواعها، بوأتها الرتبة الأولى على مستوى جهة البيضاء. ويعود هذا النجاح، إلى أنها كانت تحت إشراف أطر أمنية كفؤة، عملت على تأطير العناصر العاملة تحتها، قبل أن تغادرها بعد ترقيتها في مناصب أمنية كبيرة.
تمتاز منطقة عين السبع الحي المحمدي بطابع خاص، فهي محاطة بمناطق أمنية عديدة منها مولاي رشيد والفداء مرس السلطان وسيدي البرنوصي وأنفا، كما تضم العديد من المناطق التجارية الهامة والصناعية، ما يجعلها تحظى بإقبال كبير من قبل المواطنين، ما يغري المنحرفين على ارتكاب جرائم، الأمر الذي يتطلب يوميا يقظة أمنية لرصد أي اختلال أمني وتصحيحه، إذ ساهم هذا الأمر في تشديد الخناق على نشاط أفراد العصابات وكبار مروجي المخدرات والأقراص المهلوسة.
الحرب على المخدرات الموقع الإستراتيجي لمنطقة عين السبع الحي المحمدي، ساهم في شل نشاط كبار مروجي المخدرات، سيما أن فرارهم من المطاردات الأمنية، يجرهم إلى مناطق أمنية مجاورة ما يسهل ملاحقتهم واعتقالهم، وهو ما جعل المنطقة تشهد تراجعا في نشاط ترويج المخدرات والأقراص المهلوسة. في السابق اشتهرت العديد من الأحياء بالمنطقة بترويج المخدرات، سيما الأقراص المهلوسة، من قبيل دوار “الواسطية” وعين البرجة وحي التقدم والمشروع. صحيح أن وجود المنطقة قرب الطريق السيار، و محطتي القطار البيضاء المسافرين والبيضاء الميناء، شكل فرصة لتسلل هذه الممنوعات إلى هذه المنطقة بشكل سري، إلا أن اليقظة الأمنية في الفترة الأخيرة، عمدت إلى تحرير هذه الأحياء من سيطرة مروجي المخدرات، خصوصا بعد أن حاولوا تأسيس ما يصطلح عليه بـ”الكروات”، وهو مكان مخصص لبيع المخدرات بشكل علني. وساهمت الحملات الأمنية المتواصلة داخل هذه الأحياء الشهيرة في اعتقال عدد من المروجين الكبار، الأمر الذي دفعهم بعد مغادرتهم السجن إلى البحث عن فضاءات أخرى، خصوصا بضواحي البيضاء، للاستمرار في مزاولة نشاطهم المحظور. ورغم نجاح الشرطة في محاربة هذه الظاهرة، إلا أن بعض الأحياء تشهد “تفريخ” مروجين صغار للمخدرات، نجحوا في البداية في ممارسة نشاطهم، لكن سرعان ما يتم القبض عليهم بعد توصل الشرطة بمعلومات عنهم.
عصابات في خبر كان وبحكم وجود مناطق صناعية وتجارية بالمنطقة من قبيل قيسارية الحي المحمدي، فإن المنطقة تشهد تنامي سرقات سواء ضد التجار أو الزوار. في السابق، كانت هذه الظاهرة، تكاد تشكل نقطة سوداء بالمنطقة، بعد أن صارت تنفذ في إطار عصابات منظمة، سرعان ما تطلب وضع خطط محكمة من قبل مسؤولي الشرطة القضائية، وتم تفكيك العديد من العصابات ما زال أفرادها قابعين بسجن عكاشة، بعد تحديد هوياتهم خصوصا رؤوسها المدبرة. هذه التدخلات الأمنية الناجحة، دفعت أفراد العصابات إلى ممارسة نشاطهم بشكل فردي، والاقتصار على عمليات بالخطف والنشل بفعل الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه الأسواق التجارية، إلا أن تقاطر شكايات الضحايا، دفع المصالح الأمينة إلى تعزيز حضور الفرق الأمنية المتنقلة وفرق الصقور بأهم الشوارع والمناطق الحيوية بالمنطقة، كما لعب المخبرون دورا كبيرا في تحديد هويات اللصوص، ما سهل على عناصر الشرطة اعتقالهم في ظرف قياسي.
الحد من السرقات الموصوفة من أكبر الأنشطة الإجرامية، التي اشتهرت بها بالمنطقة في وقت سابق، السرقات الموصوفة بحكم أن المنطقة تشهد أحياء سكنية بها فيلات وشقق فاخرة، خصوصا بمنطقة عين السبع، ما شجع منحرفين على التخطيط لسرقتها سواء في إطار عصابات متخصصة، أو بشكل فردي. أغلب السرقات تتم بالليل، وعبر التسلق، بحكم الهدوء الكبير الذي تشهده أحياء عين السبع، وغياب حراس خاصين بهذه الفيلات، كما أنه في كثير من الأحيان، يتم اكتشاف هذه السرقات إلا بعد مرور أيام، ما يزيد من تعقيد مهام الشرطة القضائية في تحديد الأطراف المتورطة. وشكلت هذه السرقات تحديا كبيرا للشرطة القضائية لعين السبع الحي المحمدي، خصوصا عناصر الشرطة العلمية والتقنية التي نجحت في مهامها، وتمكنت من فك لغز أغلب السرقات التي استهدفت فيلات وشققا بالمنطقة. ومن أشهر السرقات التي شهدتها المنطقة، سرقة والدة سميرة سيطايل المسؤولة بالقناة الثانية، والتي تمكنت الشرطة بعد تحريات ميدانية من فك لغزها في ظرف وجيز، وتم اعتقال خمسة من منفذيها أحيلوا على العدالة. مهربو سجن عكاشة إلى جانب هذه المهام اليومية لمحاربة الجريمة بالمنطقة، يحال بشكل يومي على فرقة الشرطة القضائية عددا من زوار سجن عكاشة، أوقفوا متلبسين بمحاولة تسريب مخدرات وممنوعات إلى أقاربهم، وهي مهمة ليست بالسهلة، إذ تتطلب تعميق البحث مع هؤلاء الموقوفين وإحالتهم على العدالة، وتحديد مزوديهم والبحث عنهم، وكل ذلك بتزامن مع باقي المهام الأخرى الملزمين بالقيام بها بشكل يومي. جرائم القتل يحسب للشرطة القضائية لعين السبع الحي المحمدي، السرعة في فك لغز أشهر جرائم القتل التي شهدتها المنطقة، وهذا يعود لكفاءة أطرها وقراءتهم الجيدة لظروف ووقائع الجريمة. ومن أبرز جرائم القتل التي تفاعل معها المغاربة، مقتل الطالبة صابرين من قبل خليلها، بعد أن ألقى بها من سطح عمارة بالمنطقة، وحاول تضليل المحققين بأن الأمر يتعلق بانتحار، بعد أن بعث رسالة نصية على لسان الضحية إلى والدته تعلن فيها انتحارها. وبمجرد حلول عناصر الشرطة إلى مسرح الجريمة ومعاينتها جثة الضحية، استطاع المحققون بحدسهم الاقتناع بأن الأمر يتعلق بجريمة قتل مدبرة، واستطاعوا الإيقاع بالمتهم خلال الاستماع إليه، بعدما ارتبك وسقط في جملة من التناقضات، جعلته ينهار ويعترف بجريمته وأنه من أرسل الرسالة النصية من هاتف الضحية لتضليل العدالة، ليتم طي ملف هذه الجريمة البشعة في ظرف قياسي. كما شهدت المنطقة جريمة قتل أخرى، راح ضحيتها شاب بسبب طعنة في القلب من قبل ثلاثة من رفاقه بعد نزاع حول هاتف محمول سلبوه من فتاة، أظهرت فيها الشرطة القضائية حنكة كبيرة، إذ تمكن المحققون في ظرف ثلاث ساعات من اعتقال متهمين، قبل أن تنجح في إيقاف الثالث وهو المتورط الرئيسي في الجريمة ببركان، بعد أن فر إليها مباشرة بعد تأكده من مقتل الضحية. |