الأربعاء 20 نونبر 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

ثمانينيات القرن الماضي.. ماذا تبقّىٰ اليوم من تلك «الديربيات»؟

كازا 24 الأربعاء 20 نونبر 2024

محمد طلال

نعيش الديربي البيضاوي أسبوعين قبل موعده، تشتد المشاحنات والمشادات كلما اقترب، في البيوت والأحياء والأزقة، وفي المكاتب والمصانع والشركات والعمالات والمحاكم وفي كل المؤسسات، في المدن والمداشر وعلى الحدود وخارج الحدود، في العالم كله، ستجد ودادي وزميله او صديقه او جاره او قريبه رجاويا.

في البيضاء، تزيد دقات القلب وانت تسير خمس ايام او اسبوع بزنقة بني مكيلد، العشرات من الطاولات، تعرض فوقها الأقمصة والشعارات، وتحتها تذاكر المباراة، بضعف ثمنها لا يهم، بثلاث الأضعاف لا يهم، المهم ان يجد البيضاوي مكانا له في هذه الضفة او في الاخرى، يصطحب طفلا أو قريب، كما انه يوم عيد.

ياتي ذاك الاحد، الوجهة مركب محمد الخامس، المباراة في الثالثة بعد الزوال، عند العاشرة صباحا، يصطف الناس امام سعيد مول الطون، بالقرب من ثانوية مولاي عبد الله، "الزم" حدودك وانتظر دورك الذي ترسمه "بفيتشة"، ومن متوسطي الحال من يقصد بحيليسة، وللشاربين السكارى مكانٌ بمقهى الصحافة بالروداني، أو إحدى مغارات مرس السلطان او بوعود او حانة العائلات…

قلة الحيلة، هذا حال ابناء الموظفين، الحافلة 52 وسيلتنا، مباشرة حتى شارع غاندي، فنمشيها سيرا على الأقدام، عند التاسعة صباحا، رجال الامن العمومي يتفرقون، نختلس الدخول، نمكث اسفلا بالمراحيض وهنا وهناك، ياتي بعد افراد السيمي يتفقدون او يستعملون، يضبطونا، نتوسلهم أنا والدكتور هشام ولد معّاش، لا أتذكر اسمه بالكامل، تحكي الوالدة انه اصبح طبيبا، كيف لا وقد كبر في فيلا الحاج مكوار، كان والده حارسا هناك، غالبا ما كان السيمي يغضون البصر، ومنهم من كان يستعين بعصاه ليطردنا طرد الكلاب، نجري ونجري، ونجرب الكرة مرات ومرات، المهم اننا في حضرة ديربي البيضاء.

تبدأ مباراة الشبان، بعدها يداعب الكرة با حميد كثيرا رحمه الله وسط الميدان، يقال انه رجاوي، ونقسم انه ودادي، في نفس الوقت يكون مول جبان كول وبان، بعموده الطويل بالأحمر والأخضر قد باع اكثر من نصفه، كوجاك والسجائر ديطاي، كتامة حاضرة بقوة، يصدح صوت حسن في المنطقة المغطاة : قولولها الودادية، هي حمرة بيضاوية، جمهورها معروف.

مباراة الشبان، ترخي نتيجتها بظلالها على نتيجة الكبار، تنتهي المباراة، تسود وجوه وتبيض وجوه، وتعود المشادات والمشاحنات، في المنازل والأحياء والمصانع والمحاكم والمتاجر وووو..

بكل ود واحترام، وفي اشدها بصقٌ او صفع وتهديد في الاياب بانتقام.

اصبحنا اليوم نركب السيارات، الدراجات والترمواي والحافلات، الطاكسيات والتطبيقات، كثُرت وسائل النقل وانفرجت الأحوال، اصبحت التذاكر متاحة على المنصات، لكننا افتقدنا لتلك الديربيات كما كان وكما فات….

أصبحت مجرد نتيجة على الصفحات، ومنحٌ سمينة في الحسابات.