يزيد نفس المصدر متحدثا عن البنايات التسع والأربعين المصنفة في الدار البيضاء قائلا: «تصنيف هذه البنايات جاء بناء على قرارات نشرت في أعداد الجريدة الرسمية.
هناك عمارة «لكلاوي» التي أصبحت مصنفة كتراث معماري مثلا في سنة 2003 مثلها مثل عمارات «بن دحان» و«التازي» و«ماروك سوار» و«الصيدلية المركزية». حسب معطيات صادرة عن المجلس الجهوي للسياحة فإن البنايات التسع والأربعين المصنفة تراثا معماريا بالمدينة لا تضم سوى عددا قليل من العمارات السكنية تنضاف إلى مؤسسات تعليمية كثانوية «خناتة بنت بكار» و»الخوارزمي» و»القسطلاني» إضافة إلى كنسية «القلب المقدس» في شارع الراشيدي وفندق «إكسلسيور» و فندق «عبر المحيط». وتشمل لائحة البنايات المصنفة كتراث معماري بالإضافة إلى بناية مستشفى 20 غشت مقر شركة التبغ وبناية «البريد المركزي» والمقر الجهوي للخزينة العامة. وحسب معطيات تاريخية يتضمنها الموقع الإلكتروني لولاية الدار البيضاء الكبرى على شبكة الأنترنيت فإن هذه البنايات المعمارية تؤرخ لسمعة المدينة التي روج لها المستعمر في أوائل القرن الماضي كمدينة حديثة، تميزت بحداثة معمار تبناه مهندسين معماريون أجانب وسرعان ما أخذ طابعه المغربي باستعمال الزخرفة التقليدية. في فترة الحماية الفرنسية، صارت واجهات العمارات الكبيرة في وسط المدينة تتسم بتعددية جمالية تزينها زخارف متنوعة، بدءا من أطباق للفواكه ومرورا برؤوس الأسود وزخاريف كنسية امتزجت في تناسق مع زليج ومسحوق رخام مشكلة لوحات فنية مرسومة على واجهة شرفات المنازل. مركز مدينة الدار البيضاء يحتفظ بالقليل من المنازل التي تزين شرفاتها زخارف جبسية، أو نقوش نحتتها أزاميل صناع تقليديين مهرة على خشب الأرز، تزين أبواب «البازارات» وفندق «إكسلسيور» المطل على «باب مراكش» مازال يحتفظ ببعض النقوش الخشبية. بالقرب شارع محمد الخامس بمركز المدينة ما تزال بناية فرنسية كبيرة محتفظة بشكلها الغريب، رغم أن واجهة العمارة قد حالت إلى السواد، جراء الغبار والأتربة، فإن تلك القبة المزروعة في ركن يطل على الشارع الرئيسي، تجعل الناظر المشرئب بعنقه إليها يتفحص زخاريف تحيط بقبة نصبت بشكل هندسي فريد على واجهة عمارة شيدت في ثلاثينيات القرن الماضي. اللافت أن ما تبقى من معالم التصاميم المعمارية الكولونيالية يظل مهددا بالزوال بحكم أن غالبية التصاميم تعود لبنايات قديمة مشبعة بالرطوبة أو على وشك الانهيار. تحتفظ المدينة بالقليل مما تبقى من عمارات سكنية تتميز بطول حجم نوافذها وتوفرها على شرفات واسعة تسمح بدخول أشعة الشمس إلى مختلف أرجاء الشقة طيلة النهار، وتعدد المنافذ المؤدية إلى مرافق الشقة، بتصميم اعتمد فيه المهندسون المعماريون الفرنسيون على طريقة «المسكن المفتوح». والمنازل المعمارية المتبقية في المدينة شيدت بعقلية أوربية وأيد مغربية أبدع فيها البناؤون والصناع التقليديون تحت إشراف مهندسين معماريين فرنسيين راعوا في تصاميمها أن تكون شققها تسع أفراد الأسرة والضيوف، بتوفرها على منافذ متعددة تسهل الولوج إلى مختلف أرجائها بحرية. «قد يتوفر المطبخ على باب فرعي يمكن أن يدخلك بهو الضيوف مباشرة أو للشرفة، الغرف صممت بشكل يجعل أفراد الأسرة قادرين على استعمال الأغراض وارتياد الغرف دون الإحساس بوجود ضيق في المساحة، الفرنسيون وضفوا أيضا العلو واستخدموا نوافذ طويلة واستعانوا بالصناع التقليديين لإنجاز منازل تزينها منحوتات خارجية «، يقول سمسار عقارات ردا على سؤال ل«كازا24» حول ما يمكن أن يميز عمارة بوسط المدينة شيدت في الدار البيضاء إبان الحقبة الاستعمارية وأخرى بينت على الطراز الحديث. مازالت الدار البيضاء تحتفظ كذلك بمآثر عمرانية مهملة كبناية المجازر البلدية القديمة المتاخمة لقنطرة «كارنو» بعمالة عين السبع الحي المحمدي وعمارة «شال» و»الأميرة» و»الصيدلية المركزية» مرورا ب»فيلا فيوليتا» وانتهاء ببناية البنك التجاري المغربي في شارع إدريس لحريزي التي صدر بشأنها، قرار يقضي بتصنيفها كتراث معماري للمدينة. إلى جانب العمارات توجد أيضا بعض الفيلات التي ما تزال بمنأى عن الجرافات، يشفع لها موقعها قرب منشآت قنصلية أجنبية أو لقربها من القصر الملكي بالدار البيضاء كمنازل حي الأحباس التقليدية المختفية وراء أزقة متعرجة. مصدر من مجلس مدينة الدار البيضاء شدد على وجود خروقات معمارية وصفها ب»الخطيرة» طالت منشآت عمرانية لا تفصلها عن قصر الملك بحي الأحباس سوى عشرات الأمتار. مستدلا على قوله بتحويل فيلات واطئة ظلت لحدود تسعينيات القرن الماضي تجاور ثانوية محمد الخامس، قبل أن تنبت عقارات بطوابق متعددة بيعت شققها بأسعار خيالية فاقت المائتي مليون سنتيم. |