يشارك وفد مغربي يمثل القطاع الخاص، في قمة الاستثمار "SelectUSA" المنعقدة بولاية ميريلاند، تجسيدا لدينامية الشراكة الاقتصادية التي تربط بين المغرب والولايات المتحدة.

وفي مداخلة، يوم أمس الاثنين، بمناسبة لقاء جرى تنظيمه على شرف الوفد المغربي، في إطار المشاركة الخامسة للمملكة في هذا الحدث الهام، أبرز سفير المغرب بالولايات المتحدة، يوسف العمراني، أن "الشراكة الاقتصادية بين الرباط وواشنطن بلغت مستوى ملحوظا من النضج، إذ صارت ثمرة التوافق الاستراتيجي الذي تكرسه رؤية مشتركة وطموحة".

وقال  العمراني إن هذه الشراكة، التي توطدت على مر الزمن بفضل ثقة متبادلة ثابتة، وحوار مهيكل وكذا آفاق اقتصادية واعدة، "تعكس العلاقات الثنائية النموذجية، القائمة على التزامات مشتركة ومتطابقة، وإرادة العمل سويا على تحقيق ازدهار مستدام وشامل".

تميز هذا اللقاء بحضور العديد من الشخصيات، من بينها القنصل العام للولايات المتحدة بالدار البيضاء، ماريسا سكوت، ونائب مساعد وزير التجارة الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، توماس برانز، إلى جانب ممثلين عن القطاعين العام والخاص بالبلدين، وشخصيات من عالمي الاقتصاد والدبلوماسية.

وذكر سفير المغرب بأن العلاقات المغربية الأمريكية تندرج ضمن دينامية تاريخية، تستند إلى قيم مشتركة، وتشبث راسخ بالاستقرار الإقليمي وطموح من أجل مستقبل يعمه السلام والازدهار.

وتطرق  العمراني إلى الدور الذي يضطلع به الاقتصاد كمحفز للتنمية الشاملة، مشددا على أهمية إرساء إطار للتعاون يركز على الابتكار والانتقال الطاقي والتنافسية الإقليمية.

وقال إن "طموحنا المشترك لا يقتصر على إرساء اللبنات الأولى، بل يتمثل في العمل معا على بناء سلاسل القيمة من أجل المستقبل. إن الأمر يتعلق بالتزام يتعهد به المغرب ويتقاسمه بشكل دائم مع مجموع شركائه عبر الأطلسي".

وجدد السفير تأكيد التزام المملكة، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لفائدة "شراكة وطيدة وعملية ومتضامنة، تركز على العنصر البشري"، مضيفا أنه "في مواجهة عدم اليقين في عالم يشهد تحولات دائمة، يقع على عاتق المغرب والولايات المتحدة العمل معا من أجل رسم معالم سبل الأمل".

كما أكد التزام سفارة المغرب في واشنطن بمواكبة الفاعلين الاقتصاديين المغاربة في الانفتاح على السوق الأمريكية، من خلال تيسير الولوج إليها، والسهر على تحقيق التواصل الفاعل، وتذليل العقبات، بهدف تشجيع انبثاق شراكات نوعية تعود بالنفع المشترك.

وفي هذا الإطار، أشار السفير إلى القيمة الاستراتيجية لاتفاقية التبادل التجاري الحر بين المغرب والولايات المتحدة، واصفا إياه بالرافعة القانونية والاستراتيجية التي تمنح امتياز الولوج إلى السوق الأمريكية. ودعا الفاعلين الاقتصاديين إلى الاستفادة من الفرص المتاحة.

من جانبها، أشادت القنصل العام للولايات المتحدة بوجود 22 من الفاعلين الخواص المغاربة، يمثلون عددا من القطاعات تتنوع بين تكنولوجيات المعلوميات والصناعة الغذائية، مرورا بالخدمات المالية، والصحة، والتأمينات، والسلع الاستهلاكية.

وسلطت السيدة سكوت الضوء على الأهمية الاستراتيجية لقمة "SelectUSA"، معتبرة أنها لا تعد مجرد منصة للاستثمار، بل رمزا حقيقيا لقوة ودينامية الشراكة المغربية الأمريكية.

وأوضحت أن البرنامج مكن، منذ إطلاقه، من تحفيز استثمارات ملموسة فاقت قيمتها 270 مليار دولار، وساهم في دعم أزيد من 240 ألف وظيفة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ومناطقها.

وشددت  سكوت على الدور الهام الذي تضطلع به هذه القمة في تعزيز الروابط التجارية الثنائية، وحثت المقاولات المغربية على اغتنام هذه الفرصة من أجل تعزيز الاطلاع، وعقد الشراكات وتطوير مشاريعها. وذكرت أيضا بالمكانة المتميزة التي يحتلها المغرب في تاريخ العلاقات الخارجية للولايات المتحدة، باعتباره أول بلد وقع معاهدة للسلام والصداقة مع الدولة الأمريكية الفتية.

بدوره، نوه  برانز بدينامية وطموح المقاولات المغربية المشاركة، مشيرا إلى البيئة الملائمة التي توفرها السوق الأمريكية، بالنظر لحجمها وروح الابتكار التي تميزها، وقوة أسواقها المالية ومناخها المحفز لنمو المقاولات.

وتطرق المسؤول الأمريكي إلى دور قمة "SelectUSA" في تحفيز الاستثمارات الأجنبية، مشجعا الشركات المغربية على الاستفادة من مواكبة فرق وزارة التجارة والقسم التجاري في استيعاب المجال القانوني الأمريكي، والحرص على تتبع الشراكات بعد انعقاد القمة.

وخلص إلى الدعوة إلى تكثيف المبادلات وتوطيد الشراكات بين البلدين، مجددا التأكيد على أن الولايات المتحدة تظل منفتحة على الاستثمارات الأجنبية.

وتعد قمة "SelectUSA" موعدا استراتيجيا للاستثمار، يستقطب سنويا مئات المقاولات الأجنبية الراغبة في توسيع أو إطلاق أنشطتها في السوق الأمريكية.