الجمعة 2 ماي 2025
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13
تابعونا على الفايسبوك

جمعية التحدي للمساواة والمواطنة تبتكر بطاقة توصيف رمزية لإعادة الاعتبار للعمل المنزلي غير المرئي الذي تقوم به النساء

كازا 24 الأربعاء 30 أبريل 2025

بمناسبة الفاتح من ماي اليوم العالمي للشغل، أطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة  (ATEC)، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة – مكتب المغرب، حملة وطنية واسعة النطاق تهدف إلى تسليط الضوء على الدور الحيوي – وإن ظل غير مرئي – الذي تؤديه النساء داخل المنازل في المجتمع المغربي.

هذا الجهد اليومي، الذي لا يُقابل بأي مقابل مادي، يمثل عماد الحياة الأسرية، ويحافظ على توازنها، ويُجنّب الأسر تكاليف ضخمة كانت ستُصرف على خدمات مثل رعاية الأطفال، التنظيف، الطهي، الدعم الدراسي، أو العناية بكبار السن. ومع ذلك، لا يُعترف بهذا العمل ولا يُثمَّن، بل يبقى غالبًا حبيس الجدران، ونادرًا ما يُتقاسم داخل الفضاء المنزلي، رغم كونه دعامة أساسية للبنية الاجتماعية.

بطاقة توصيف رمزية لتسمية ما لم يُسمَّ بعد

تنطلق الحملة من مبادرة رمزية قوية: "بطاقة توصيف وظيفي تخيلية"، تُفصّل بدقة مختلف الأدوار التي تقوم بها النساء داخل البيت – من طاهية إلى مربية، من ممرضة إلى مدبرة منزل، من منظمة إلى مخططة. وقد تم تجسيد هذه البطاقة على مئزر منزلي صُمّم خصيصًا للحملة، ليُصبح أداة بصرية ناطقة وشعارًا ميدانيًا يجسّد رسالتها. 

بفضل هذا المئزر – الذي يحمل بطاقة المهام المنزلية مطبوعة عليه – تسعى الحملة إلى إخراج هذا العمل الحيوي من دائرة التعتيم. إنه عمل يُنظر إليه تقليديًا بوصفه أمرًا "طبيعيًا"، في حين أنه غير مرئي، غير مدفوع الأجر، وغير معترف به اجتماعيًا.

وفي فاتح ماي، سيرتدي هذا المئزر نساء ورجال جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في المسيرة  العمالية التي تنظمها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والتي ستكون انطلاقتها من حي درب عمر بالدار البيضاء . والغاية واضحة: إظهار ما ظل مخفيًا، وجعل غير المرئي مرئيًا، وإثارة نقاش وطني حول مظلمة بنيوية ما تزال مغيبة عن الخطاب العام. 

وترى الجمعية أن هذه المبادرة تتجاوز نطاق التحسيس، لتشكل دعوة إلى وعي جماعي بواقع العمل المنزلي غير المرئي، باعتباره من الأسباب الهيكلية لاستمرار التفاوت بين الجنسين. آن الأوان لتسميته، الاعتراف به، وتوزيعه بشكل أكثر إنصافًا.

فجوة زمنية تُعمّق الفجوة الاجتماعية 

تقول بشرى عبده، المديرة التنفيذية لجمعية التحدي للمساواة والمواطنة: "هذه المبادرة تأتي في سياق التزامنا الراسخ بتعزيز المساواة بين النساء والرجال. حين نسلط الضوء على العمل المنزلي غير المرئي، فإننا نُساهم في تفكيك الصور النمطية، ونضع أسس عقد اجتماعي أكثر عدلًا داخل الأسرة."

وتشير المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن النساء المغربيات ينجزن أكثر من 90% من إجمالي الوقت المخصص للأعمال المنزلية، بمعدل خمس ساعات يوميًا، مقابل 43 دقيقة فقط للرجال. خلل زمني صارخ يُلقي بثقله على مسارات النساء المهنية والشخصية، ويُضعف فرص تحقيق المساواة الفعلية.

وتؤكد مرة أخرى بشرى عبده: "العمل المنزلي غير المؤدى عنه هو أحد الزوايا العمياء في نسيجنا المجتمعي. آن الأوان لتسميته، إبرازه، وتقاسمه."

 

من حملة رمزية إلى خطة عمل ممتدة 

تحمل الحملة عنوانًا بليغا "شقا الدار ماشي حكرة"، وهي جزء من برنامج وطني طموح يمتد حتى شتنبر 2026. تقود هذا المشروع جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبالتعاون مع شبكة من الجمعيات الوطنية الصديقة .

الهدف العملي: تقليص ساعة واحدة يوميًا من الوقت الذي تخصصه النساء للأعمال المنزلية، داخل العائلات المستهدفة.

ويندرج هذا المشروع ضمن البرنامج الإقليمي Dare to Care، وهو مبادرة تهدف إلى تفكيك التصورات الذكورية التقليدية، ومراجعة المعايير الاجتماعية التي تُكرّس التمييز الجندري، مع الدفع نحو تمكين النساء اقتصاديًا في العالم العربي.

وتعتمد الحملة على تعبئة شاملة متعددة الأجيال، من خلال حملات رقمية موجهة للشباب، عروض رياضية، مسرح متنقل، ولوحات حضرية تفاعلية. كما تشجع على إنتاج محتوى إبداعي هادف– من فيديوهات، وبودكاست، وأفلام قصيرة – يُصمم بالشراكة مع الشباب ومن أجلهم. 

ولضمان مرافقة ميدانية دقيقة، سيتم تطوير تطبيق محمول يُتيح للأسر قياس حجم العبء المنزلي اليومي، مما يوفّر أداة عملية لرصد التغيرات وتحليل الأثر بدقة.

نحو عقد اجتماعي أكثر عدلًا 

لا تتوقف الحملة عند حدود التوعية، بل تهدف إلى إحداث تحول بنيوي في إدراك وتقاسم العمل المنزلي.بين النساء والرجال، آن الأوان للتوقف عن اعتبار المهام المنزلية "مساعدة عرضية"، والاعتراف بها كمكون جوهري للحياة اليومية، يستحق التقدير والتوزيع العادل. 

ويأتي هذا المشروع في إطار الالتزامات الوطنية للمغرب في مجال التمكين والمساواة بين الجنسين، ويشكّل تذكيرًا، في سياق اليوم العالمي للشغل، بأن كل جهد يُبذل داخل المنزل، يستحق أن يُرى، يُثمّن، ويُشارك بإنصاف.